responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 6  صفحة : 302

قال الثعالبي في يتيمة الدهر في وصف الخالدين ان هذان لساحران يغربان فيما يجلبان ويبدعان فيما يصنعان وكان ما يجمعهما من اخوة الأدب مثلما ينظمهما من اخوة النسب فهما في الموافقة والمساعدة يحييان بروح واحدة ويشتركان في قرض الشعر وينفردان ولا يكادان في السفر والحضر يفترقان وكانا في التساوي والتشابك والتشاكل والتشارك كما قال أبو تمام:
رضيعي لبان شريكي عنان * عتيقي رهان حليفي صفاء بل كما قال البحتري:
كالفرقدين إذا تأمل ناظر * لم يعل موضع فرقد عن فرقد بل هما كما قال أبو إسحاق الصابي فيهما:
أرى الشاعرين الخالديين سيرا * قصائد يفنى الدهر وهي تخلد جواهر من أبكار لفظ وعونه * يقصر عنها راجز ومقصد تنازع قوم فيهما وتناقضوا * ومر جدال بينهم يتردد وصاروا إلى حكمي فأصلحت بينهم * وما قلت الا بالتي هي أرشد هما في اجتماع الفضل زوج مؤلف * ومعناهما من حيث يثبت مفرد كذا فرقدا الظلماء لما تشاكلا * على أشكلا هل ذاك أم ذاك أمجد فزوجهما ما مثله في اتفاقه * وفردهما بين الكواكب أوحد فقاموا على صلح وقال جميعهم * رضينا وساوى فرقد الأرض فرقد قال وما اعدل هذه الحكومة من أبي إسحاق فما منهما الا محسن ينظم في سلك الابداع ما فاق وراق ويكاثر بمحاسنه وبدائعه الافراد من شعراء الشام والعراق اه‌.
وفي أنوار الربيع عند ذكر القسم الذي هو من أنواع البديع قال:
ومن بديع النوع قول الخالديين الشاعرين وقد مدحا أبا الحسن محمد بن عمر الزيدي الحسيني فأبطأ عليهما بالجائزة وأراد الخروج إلى بعض الجهات فدخلا عليه وأنشداه:
قل للشريف المستجار * به إذا عدم المطر وابن الأئمة من قر * يش والميامين الغرر أقسمت بالريحان والنغم * المضاعف والوتر لئن الشريف مضى ولم * ينعم لعبديه النظر لنشاركن بني أمية * في الضلال المشتهر ونقول لم يفعل أبو * بكر ولم يفعل عمر ونرى معاوية أما * ما من يخالفه كفر ونقول أن يزيد ما * قتل الحسين ولا أمر ونعد أهل النهروان * من الميامين الغرر ويكون في عنق الشريف * دخول عبديه سقر فضحك من قولهما وأنجزهما جائزتهما قال وعلى هذا الأسلوب نظم ابن منير قصيدته المشهورة التي انتهت الإشارة إليها في أسلوبها ومرت في ترجمته.
حكاية عن كتابهما الهدايا والتحف حكى صاحب مرآة الجنان عن كتاب الهدايا والتحف لهما قالا اهدى نصر بن أحمد الخبزارزي الشاعر الأمي المشهور البصري إلى والي البصرة فصا وكتب معه:
أهديت ما لو أن أضافه * مطرح عندك ما بانا كمثل بلقيس التي لم يبن * اهداؤها عند سليمانا هذا امتحان لك ان ترضه * بان لنا انك ترضانا قال وفي الكتاب المذكور ان اللبادي الشاعر خرج من بعض مدن آذربيجان وتحته مهر له رائع والسنة مجدبة فضمه الطريق وغلاما حدثا على حمار له قال فرأيته أديبا راوية للشعر خفيف الروح حاضر الجواب جيد الحجة فأمسينا إلى خان فطلبت من صاحبه شيئا نأكله فلم يكن عنده شئ فرفقت به إلى أن جاءني برغيفين فأخذت واحدا وأعطيت الغلام الآخر فسالت صاحب الخان عن الشعير للمهر فلم يكن عنده منه حبة واحدة فجعلت له جعلا على أن يطلبه فمضى وعاد بعد زمن طويل وقال وجدت مكوكين عند رجل حلف بالطلاق انه لا ينقصهما عن مائة درهم فدفعت إليه خمسين وجاءني بمكوك فعلقته على دابتي وحماره واقف بغير علف فاطرق مليا ثم أنشد:
يا سيدي شعري نقاية شعركا * فلذلك نظمي لا يقاوم نثركا وقد انبسطت إليك في انشاد ما * هو في الحقيقة قطرة من بحركا آنستني وبررتني وقرينتي * وجعلت أمري من مقدم أمركا وأريد أذكر حاجة ان تقضها * اك عند مدحك ما حييت وشكركا انا في ضيافتك العشية هاهنا * فاجعل حماري في ضيافة مهركا فضحكت واعتذرت إليه من إغفال أمر حماره وابتعت المكوك الآخر بخمسين درهما ودفعته إليه اه‌ اخبارهما مع السري الرفا الموصلي كان السري هذا شاعرا مجيدا من مشاهير شعراء عصره وكان معاصرا لهما فنسب إليهما أنهما يسرقان شعره وشعر غيره وقد ظلم وهجاهما بآهاج كثيرة. وقال صاحب اليتيمة ان السري دس أحسن أشعارهما في شعر كشاجم قال وكان أفاضل الشام والعراق إذ ذاك فرقتين إحداهما وهي في شق الرجحان تتعصب عليه لهما لفضل ما رزقاه من قلوب الملوك والأكابر والأخرى تتعصب له عليهما ونحن نذكر شيئا من قول السري الرفا فيهما في ادعائه سرقة شعره ونترك باقيه لنذكره في ترجمة السري قال الثعالبي فمما قاله السري يتظلم منهما إلى سلامة بن فهد من أبيات:
وفي كل يوم للغبيين غارة * تروع ألفاظي المحجلة الغرا فمهلا أبا عثمان مهلا فإنما * يغار على الأشعار من عشق الشعرا ألا طفأتما تلك النجوم بأسرها * ودنستما تلك المطارف والأزرا فويحكما هلا بشطر قنعتما * وأبقيتما لي من محاسنه شطرا وقال السري من قصيدة مدح بها أبا البركات لطف الله بن ناصر الدولة يتظلم إليه منهما ويقول إنهما ادعيا شعره وشعر غيره ومدحا به المهلبي وغيره:
أشكو إليك حليفي غارة شهرا * سيف الشقاق على ديباج أفكاري ذئبين لو ظفرا بالشعر في حرم * لمزقاه بأنياب وأظفار سلا عليه سيوف البغي مصقلة * في جحفل من صنيع الظلم جرار وارخصاه فقل في العطر ممتهنا * لديهما يشترى من غير عطار ان قلداك بدر فهو من لججي * أو ختماك بياقوت فأحجاري باعا عرائس شعري بالعراق فلا * تبعد سباياه من عون وأبكار

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 6  صفحة : 302
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست