responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 4  صفحة : 324

ويطلب من سيف الدولة ان يفديه لكن لا يطلب ذلك بذلة وضراعة بل يطلبه بكل انفة وحمية فإنه أهل لأن يفدى وحق على سيف الدولة ان يفديه وفداؤه يعود بالعز والفخر والنصر عليه وعلى بني حمدان فيقول:
فان تفتدوني تفتدوا لعلاكم * فتى غير مردود اللسان ولا اليد يطاعن عن احسابكم بلسانه * ويضرب عنكم بالحسام المهند وتثور بأبي فراس ثائرة الأسف من تحكم آسريه به فيقول فيما كتب به إلى سيف الدولة إلى الله أشكو اننا في منازل * تحكم في آسادهن كلاب ويتأس لما فاته بسبب الأسر من أفعال الخير وبذل الجود ومقارعة الفرسان فيقول:
تمر الليالي ليس للنفع موضع * لدي ولا للمعتفين جناب ولا شد لي سرج على ظهر سابح * ولا ضربت لي بالعراء قباب ولا برقت لي في اللقاء قواطع * ولا لمعت لي في الحروب حراب وتشتد به العلة فيكتب إلى سيف الدولة من درب الروم وهو يسار به أسيرا إلى القسطنطينية فيقول متحزنا متفجعا:
هل تعطفان على العليل * لا بالأسير ولا القتيل باتت تقلبه الأكف * سحابة الليل الطويل ثم تعود به عاطفة الكرم والشجاعة إلى أن يقول:
فقد الضيوف مكانه * وبكته أبناء السبيل وتقطعت سمر الرماح * وأغمدت بيض النصول ومر أبو فراس وهو أسير بالبلاد التي كان يحل فيها غازيا وهو أمير ومن الطبيعي أن يتألم لذلك وهذه عادة الزمان في أهله فقال مشيرا إلى ذلك:
ان زرت خرشنة أسيرا * فلكم حللت بها مغيرا ولقد رأيت النار تخترق * المنازل والقصورا ولقد رأيت السبي يجلب * نحونا حوا وحورا نختار منه الغادة * الحسناء والظبي الغريرا ان طال ليلي في ذزاك * فقد نعمت به قصيرا ولئن لقيت الحزن فيك * فكم لقيت بك السرورا ولئن رميت بحادث * فلألفين له صبورا من كان مثلي لم يبت * الا أميرا أو أسيرا ليست تحل سراتنا * الا الصدور أو القبورا قال ابن خالويه قال أبو فراس اخذته من كلام عمي الحسين بن حمدان وقد بنى اخوه إبراهيم بن حمدان منزلا بخمسين ألف دينار فقال له في بناء منزل تصرف خمسين ألف دينار لأنزلته ابدا ولا نزلت الا دار الامارة.
وكرر أبو فراس ذكر هذا المعنى فقال:
وانا أناس لا توسط بيننا * لنا الصدر دون العالمين أو القبر قال ابن خالويه: بلغ أبا فراس ان الروم قالوا ما أسرنا أحدا ولم نسلبه سلاحه غير أبي فراس وقولهم هذا مع أن فيه اظهار الميزة والاحترام لأبي فراس لم ترض به نفسه وعده منة عليه ونفسه لا تقبل منة أحد فقال من قصيدة:
يمنون ان خلوا ثيابي وانما * علي ثياب من دمائهم حمر وقائم سيف فيهم دق نصله * واعقاب رمح فيهم حطم الصدر ثم وصل أبو فراس إلى القسطنطينية وبعد وصوله ولقائه ملك الروم قرر معه الفداء وكتب بذلك إلى سيف الدولة فتأخرت أجوبة كتبه فكتب اليه أبو فراس يعتب عليه ويستبطئ امره فوجد سيف الدولة من ذلك وقرعه في كتابه اليه والى غيره، وعند ذلك ضاقت بأبي فراس نفسه فهو أسير بعيد عن وطنه وأهله وقد قرر امرا مع ملك يجله ويحترمه ويرى ان بيده انفاذ ما قرره معه ثم يجد انه لم يقدر على انفاذه فما يكون موقفه مع ملك الروم وبما ذا يعتذر اليه عن تأخير انفاذ ما قرره ثم يكتب إلى سيف الدولة يعاتبه ويستبطؤه كما يعاتب ابن العم ابن عمه وكما يستبطؤ القائد رئيسه ويطلب منه التعجيل ويتوقع الجواب بالايجاب ساعة فساعة وإذا بالجواب يرد عليه بالتقريع فكم يكون ألمه عندئذ وزاد في ألمه الكتاب إلى غيره بتقريعه وسواء أ كان تأخير انفاذ ذلك من سيف الدولة لامر سياسي ومصلحة مهمة اقتضت التأخير أم لأمر آخر أوجب غضب سيف الدولة مما فعله أبو فراس فذلك لا يدفع تألم أبي فراس الشديد مما حصل فكتب إلى سيف الدولة قصيدة ملؤها التألم والحزن وغير خفي حراجة مثل هذا الموقف على الشاعر فما في نفسه من الألم يبعثه على الشكوى الشديدة من سيف الدولة وخوف ازدياد غضبه يحمله على لين القول وحسن الاعتذار فهو بين داعيين يتجاذبانه ويقف حائرا إلى أيهما يميل يقول فيها مشيرا إلى سيف الدولة والى ما مضى من أيام شبابه في خدمته:
وهبت شبابي والشباب مضنة * لابلج من أبناء عمي أروعا أبيت معنى من مخافة عتبه * وأصبح محزونا وأمسي مروعا ثم يبث ما يجده في نفسه من الحزن والألم فيقول:
أما ليلة تمضي ولا بعض ليلة أسر بها هذا الفؤاد المفجعا ثم يعرض بالشكاية من سيف الدولة بما يقرب من التصريح فيقول:
أما صاحب فرد يدوم وفاؤه * فيصفي لمن أصفى ويرعى لمن رعى أفي كل دار لي صديق اوده * إذا ما تفرقنا حفظت وضيعا أقمت بأرض الروم عامين لا أرى * من الناس محزونا ولا متصنعا ثم يصرح فيقول:
تنكر سيف الدين لما عتبته * وعرض بي تحت الكلام وقرعا ثم يعتذر ويتوسل فيحسن التوسل فيقول:
فقولا له من صادق الود انني * جعلتك مما رابني منك مفرغا ويظهر ان من الناس من أوعز إلى سيف الدولة بالاستغناء عن أبي فراس وانه يوجد من يقوم مقامه وانه استعاض عنه بغيره أو شئ مما هو من هذا القبيل فقال يرد ذلك ويفنده:
لقد قنعوا بعدي عن القطر بالندى * ومن لم يجد الا القنوع تقنعا وما مر انسان فاخلف مثله * ولكن يرجي الناس امرا مرقعا فلا تغترر بالناس ما كل من ترى * أخوك إذا أوضعت في الأمر أوضعا ولا تتقلد ما يروقك حليه * تقلد إذا حاربت ما كان أقطعا ولا تقبلن القول من كل قائل * سأرضيك مرأى لست أرضيك مسمعا

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 4  صفحة : 324
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست