responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 2  صفحة : 543

أربع البلى ان الخشوع لبادي * عليك واني لم أخنك ودادي تطير الفضل من هذا الابتداء فلما انتهى إلى قوله:
سلام على الدنيا إذا ما فقدتم * بني برمك من رائحين وغادي استحكم تطيره ولم يمض أسبوع حتى نزلت بهم النازلة. ولما فرع المعتصم من بناء قصره بالميدان جلس فيه واستاذنه إسحاق بن إبراهيم الموصلي وانشده شعرا أوله:
يا دار غيرك البلى ومحاك * يا ليت شعري ما الذي أبلاك فتطير المعتصم من ذلك وتغامز الناس على إسحاق بن إبراهيم كيف ذهب عليه مثل ذلك مع معرفته وعلمه ثم انصرف الناس فما عاد منهم اثنان إلى ذلك المجلس وخرج المعتصم إلى سر من رأى وخرب القصر. وقال أبو نواس في مطلع قصيدة يمدح بها الأمين:
يا دار ما فعلت بك الأيام * لم يبق فيك لذاذة تستام ونظائر ذلك تعاب في غير المطلع فكيف بالمطلع. ولما أنشد أبو النجم هشام بن عبد الملك رجزه الذي يقول فيه: والشمس في الأفق كعين الأحول وكان هشام أحول أمر باخراجه.
ومن مطالع المتنبي المكروهة قوله: فؤاد ملاه الحزن حتى تصدعا فان ابتداء المديح بمثل هذه طيرة ينبو عنها السمع ويحسن ذلك في المراثي.
ونظيره قول أبي تمام: تجرع أسى قد أقفر الجرع الفرد والذي أوقعه في ذلك قصد التجنيس بين تجرع والجرع. ومن مطالع المتنبي المكروهة قوله:
أقل فعالي بله أكثره مجد * وذا الجد فيه نلت أم لم أنل جد وقوله:
كفي أراني ويك لومك ألوما * هم أقام على فؤادي أنجما اي اتركي لومي فان الهم الذي أقام على فؤادي دهرا قد أراني لومك أحق باللوم فانظر إلى هذا التعقيد المستكره الذي افتتح به قصيدته. قال الصاحب: ومن عنوان قصائده التي تحير الافهام وتفوت الأوهام وتجمع من الحساب ما لا يدرك بالارتماطيقي وبالاعداد الموضوعة للموسيقى قوله:
أحاد أم سداس في أحاد * لييلتنا المنوطة بالتنادي قال وهذا كلام الحكل ورطانة الزط وما ظنك بممدوح قد تشمر للسماع من مادحه فصك سمه بهذه الألفاظ الملفوظة والمعاني المنبوذة. قال الثعالبي وقد خطاه في اللفظ والمعنى كثير من أهل اللغة وأصحاب المعاني حتى احتيج في الاعتذار له والنضح عنه إلى كلام لا يستأهله هذا البيت.
أقول وفي تصغيره ليلة ما لا يخفى من الاستكراه. اما التخطئة التي أشار إليها الثعالبي فمن وجوه: 1 ان بناء فعال في العدد لا يتجاوز رباع الا نادرا 2 انه استعمل أحاد وسداس بمعنى واحد وستة والحال ان معناها واحد واحد وستة ستة 3 حذف الهمزة من آحاد 4 التنافر في الحروف الواقع في لييلتنا واختلفوا في معنى أم سداس في آحاد فقيل أراد الضرب الحسابي وقال الواحدي أراد الظرفية واختار هذا العدد لأنه أراد ليالي الأسبوع يقول هذه الليلة واحدة أم ست جمعت في واحدة عبر بذلك عن ليالي الدهر كلها لان كل أسبوع بعده أسبوع ويرشد إليه قوله المنوطة بالتنادي أقول هكذا صار البيت بتعقيده معركة للآراء كأنه من عبارات أرباب الكيميا التي يرمزون بها إلى الصنعة رمزا والشعر متى دخله الاغلاق والتعقيد فسد.
ومن ابتداءاته البشعة التي تنكرها بديهة السماع قوله:
ملث القطر أعطشها ربوعا * والا فاسقها السم النقيعا قوله:
أثلث فانا أيها الطلل * نبكي وترزم تحتنا الإبل أثلث اي كن ثالثا وترزم اي تحن وقوله: بقائي شاء ليس هم ارتحالا قال الصاحب ومن افتتاحاته العجيبة قوله لسيف الدولة في التسلية عند المصيبة:
لا يحزن الله الأمير فإنني * لآخذ من حالاته بنصيب قال لا أدري لم لا يحزن سيف الدولة إذا اخذ أبو الطيب بنصيب من القلق. أ ترى هذه التسلية أحسن عند أمته أم قول أوس:
أيتها النفس أجملي جزعا * ان الذي تحذرين قد وقعا قال الصاحب ومن افتخاره بنفسه وما عظم الله من قدره قوله:
انا عين المسود الجحجاح * هيجنني كلابكم بالنباح ولا أدري هذا البيت أشرف أم قول الفرزدق:
ان الذي سمك السباء بنى لنا * بيتا دعائمه أعز وأطول بيت زرارة محتب بفنائه * ومجاشع وأبو الفوارس نهشل 2 الجمع بين الدر والخزف أو ما هو أسقط منه في شعره فإنه يقرن إلى البيت الحسن الذي لا يبارى بيتا في غاية الرداءة وما أكثر ما يحوم حول هذه الطريقة ويعود لهذه العادة السيئة ويجمع بين البديع النادر والضعيف الساقط فبينا هو يصوع أفخر حلي وينظم أحسن عقد وينسج أنفس برد ويقطف أزهى ورد إذا به وقد رمى بالبيت والبيتين في ابعاد الاستعارة أو تعقيد المعنى إلى المبالغة في التكلف والزيادة في التعمق والخروج إلى الافراط والإحالة والسفسفة والركاكة والتبرد والتوحش باستعمال الكلمات الشاذة فمحا تلك المحاسن وكدر صفاءها وأعقب حلاوتها مرارة لا مساع لها واستهدف لسهام العائبين حتى تمثلوا فيه بقول الشاعر:
أنت العروس لها جمال رائع * لكنها في كل يوم تصرع فما جاء في شعره من هذا النمط قوله:
أ تراها لكثرة العشاق * تحسب الدمع خلقة في المآقي وهذا ابتداء ما سمع بمثله ومعنى تفرد بابتداعه ثم شفعه بما لا يبالي العاقل ان يسقطه من شعره فقال:
كيف ترثي التي ترى كل جفن * راءها غير جفنها غير راقي راءها مقلوب رآها وراقي من رقا دمعه اي انقطع اي كيف ترثي وترق التي ترى جميع الأجفان لا ترقا دموعها لحبها سوى جفنها.
وقوله:
ليالي بعد الظاعنين شكول * طوال وليل العاشقين طويل يبن لي البدر الذي لا أريده * ويخفين بدرا ما إليه وصول

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 2  صفحة : 543
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست