responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 2  صفحة : 531

وصول المتنبي إلى الكوفة وسار أبو الطيب حتى دخل الكوفة في ربيع الأول سنة 351 ونظم هذه المقصورة يصف منازل طريقه ويهجو كافورا منها:
الا كل ماشية الخيزلي * فدى كل ماشية الهيذبي [1] ضربت بها النية ضرب * القمار اما لهذا وأما لذا فمرت بنخل وفي ركبها * عن العالمين وعنه غنى وأمست تخبرنا بالنقا * وادي المياه ووادي القرى وقلنا لها أين ارض العراق * فقالت ونحن بتربان ها وهبت بجسمي هبوب الدبور * مستقبلات مهب الصبا فيا لك ليلا على اعكش [2] * أحم البلاد خفي الصوى وردنا الرهيمة [3] في جوزه * وباقية أكثر مما مضى فلما انحنا ركزنا الرما ح * بين مكارمنا والعلى وبتنا نقبل أسيافنا * ونمسحها من دماء العدى لتعلم مصر ومن بالعراق * ومن بالعواصم اني الفتى واني وفيت واني أبيت * واني عتوت على من عتا وما كل من قال قولا وفي * ولا كل من سيم خسفا أبى ومن يك قلب كقلبي له * يشق إلى العز قلب التوى [4] ولا بد للقلب من آلة * ورأي يصدع صم الصفا وكل طريق اتاه الفتى * على قدر الرجل فيه الخطى ونام الخويدم عن ليلنا * وقد نام قبل عمى لا كرى وكان على قربنا بيننا * مهامه من جهله والعمى وما ذا بمصر من المضحكات * ولكنه ضحك كالبكا بها نبطي من أهل السواد * يدرس انساب أهل الفلا واسود مشفرة نصفه * يقال له أنت بدر الدجى وشعر مدحت به الكركدن * بين القريض وبين الرقي ومن جهله نفسه قدره * رأى غيره منه ما لا يرى وأناح المتنبي ركابه بالكوفة وركز بها رماحه كما قال في هذه القصيدة، وعاد إلى وطنه الأصلي ومسقط رأسه ونزل بين أهله وعشيرته وأقام بينهم نحوا من سنتين، وثمانية أشهر من أوائل سنة 351 إلى أوائل 354 وأنفذ إليه سيف الدولة ابنه من حلب إلى الكوفة ومعه هدية، فقال يمدحه وكتب بها إليه من الكوفة سنة 352، أي بعد وروده الكوفة بسنة يقول فيها:
كلما رجبت بنا الروض قلنا * حلب قصدنا وأنت السبيل والمسمون بالأمير كثير * والأمير الذي بها المأمول الذي زلت عنه شرقا وغربا * ونداه مقابلي ما يزول وموال تحييهم من يديه * نعم غيرهم بها مقتول فرس سابح ورمح طويل * ودلاص زغف وسيف صقيل وإذا صح فالزمان صحيح * وإذا اعتل فالزمان عليل وإذا غاب وجهه عن مكان * فيه من ثناه وجه جميل ليس إلاك علي همام * سيفه دون عرضه مسلول كيف لا تأمن العراق ومصر * وسراياك دونها والخيول أنت طول الحياة للروم غاز * فمتى الوعد أن يكون القفول قعد الناس كلهم عن مساعيك * وقامت بها القنا والنصول نغص البعد عنك قرب العطايا * مرتعي مخصب وجسمي هزيل ان تبوأت غير دنياي دارا * واتاني نيل فأنت المنيل من عبيدي ان عشت لي ألف كافور * ولي من نداك ريف ونيل وتوفيت أخت سيف الدولة بميافارقين فورد خبرها إلى الكوفة، فقال أبو الطيب يرثيها ويعزيه بها من قصيدة وأرسلها إليه من الكوفة سنة 352:
يا أخت خير أخ يا بنت خير * أب كناية بهما عن واضح النسب يقول فيها:
طوى الجزيرة حتى جاءني خبر فزعت فيه بامالي إلى الكذب حتى إذا لم يدع لي صدقه املا شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي وانفذ إليه سيف الدولة كتابا بخطه إلى الكوفة يسأله المسير إليه، فاجابه بقصيدة وانفذها إليه في ميافارقين، وذلك في ذي الحجة سنة 353 منها:
فهمت الكتاب أبر الكتب * فسمعا لأمر أمير العرب وطوعا له وابتهاجا به * وإن قصر الفعل عما وجب وما عاقني غير خوف الوشاة * وان الوشايات طرق الكذب وما لاقني بلد بعدكم ولا * اعتضت من رب نعماي رب ومن ركب الثور بعد الجواد * أنكر أظلافه والغبب وما قست كل ملوك البلاد * فدع ذكر بعض بمن في حلب أ في الرأي يشبه أم في السخاء * أم في الشجاعة أم في الأدب مبارك الاسم أغر اللقب * كريم الجرشى شريف النسب وأثنى عليه بآلائه * وأقرب منه نأى أو قرب تغيب الشواهق في جيشه * وتبدو صغارا إذا لم تغب خروج المتنبي من الكوفة إلى بغداد ثم توجه من الكوفة في أواخر سنة 353 أو أول سنة 354 إلى مدينة السلام بغداد لأن كتاب سيف الدولة ورد عليه إلى الكوفة في ذي الحجة سنة 353 كما مر وفي صفر سنة 354 ورد على ابن العميد بأرجان متوجها من بغداد كما يأتي فسفره من الكوفة إلى بغداد اما في ذي الحجة سنة 54 أو بعده وتدل قصة الحاتمي الآتية معه على أنه كان أناس يقرؤون عليه ديوانه في بغداد فلا بد أن يكون بقي في بغداد نحو شهرين أو أكثر ولا يتم ذلك إلا بكون سفره في ذي الحجة وكان ورود المتنبي إلى بغداد في أيام سلطنة معز الدولة بن بويه ووزارة الوزير المهلبي له وخلافة المطيع العباسي. ولا يخلو كلام المؤرخين هنا من شئ من التنافي فإنه يظهر من قصة الحاتمي مع المتنبي الآتية أن قصد المتنبي من الرحلة إلى بغداد كان هو مدح الوزير المهلبي والانضمام إليه والمقام لديه ولكن يدل كلام الخوارزمي الآتي المنقول في اليتيمة أن المتنبي ترفع عن مدح المهلبي ذهابا بنفسه عن مدح غير الملوك فالتنافي بين الكلامين ظاهر. ثم إذا كان ترك مدح الوزير المهلبي ذهابا بنفسه عن مدح غير الملوك فما باله لم يمدح معز الدولة وهو ملك على أن تعليل عدم مدحه للمهلبي بأنه كان يذهب بنفسه عن مدح غير الملوك ليس


[1] الخيزلي مشية للنساء والهيذبي مشية للخيل أي كل امرأة فدى كل فرس. المؤلف [1] بضم الكاف اسم مكان.
[2] مكان قرب الكوفة.
[3] التوى الهلاك. المؤلف.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 2  صفحة : 531
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست