responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 2  صفحة : 528

بحلب، فقال ولم ينشدها كافورا:
بم التعلل لا أهل ولا وطن * ولا نديم ولا كأس ولا سكن أريد من زمني ذا ان يبلغني * ما ليس يبلغه في نفسه الزمن لا تلق دهرك الا غير مكترث * ما دام يصحب فيه روحك البدن فما يديم سرور ما سررت به * ولا يرد عليك الفائت الحزن تحملوا حملتكم كل ناحية * فكل بين علي اليوم مؤتمن ما في هوادجكم من مهجتي عوض * ان مت شوقا ولا فيها لها ثمن يا من نعيت على بعد بمجلسه * كل بما زعم الناعون مرتهن كم قد قتلت وكم قد مت عندكم * ثم انتفضت فزال القبر والكفن قد كان شاهد دفني قبل قولهم * جماعة ثم ماتوا قبل من دفنوا ما كل ما يتمنى المرء يدركه * تجري الرياح بما لا تشتهي السفن رأيتكم لا يصون العرض جاركم * ولا يدر على مرعاكم اللبن وهذا البيت من أعظم الهجاء وأبلغه:
جزاء كل قريب منكم ملل * وحظ كل محب منكم ضغن وتغضبون على من نال رفدكم * حتى يعاقبه التنغيص والمنن فغادر الهجر ما بيني وبينكم * يهماء تكذب فيها العين والأذن تحبو الرواسم من بعد الرسيم بها * وتسال الأرض عن أخفافها الثفن ولا أقيم على مال أذل به * ولا ألذ بما عرضي به درن سهرت بعد رحيلي وحشة لكم * ثم استمر مريري وارعوى الوسن وان بليت بود مثل ودكم * فإنني بفراق مثله قمن قال ابن جني: لما سمع سيف الدولة هذا البيت قال: سر وحق أبي:
أبلى الأجلة مهري عند غيركم * وبدل العذر بالفسطاط والرسن عند الهمام أبي المسك الذي غرقت * في جوده مضر الحمراء واليمن وإن تأخر عني بعض موعده * فما تأخر آمالي ولا تهن هو الوفي ولكني ذكرت له * مودة فهو يبلوها ويمتحن ومن تأمل شعره بعد فراق سيف الدولة علم أنه كان كثيرا ما يتحاشى أن يقول فيه سوءا ثم تغلبه نفسه فيفوه ببعض الشئ من ذلك كقوله:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم وعادى محبيه بقول عداته * وأصبح في ليل من الشك مظلم وقوله:
رأيتكم لا يصون العرض جاركم * ولا يدر على مرعاكم اللبن وقد قال: فراق ومن فارقت غير مذمم وكان يظهر منه الندم على فراق سيف الدولة وقد كان يظهر من سيف الدولة مثل ذلك فقد ارسل ولده إليه إلى الكوفة ليعود ومدحه المتنبي ورثى بعض مستوراته. وقد قال في ما مدح به كافورا:
أ ما تغلط الأيام في بان ارى * بغيضا تنائي أو حبيبا تقرب ولله سيري ما أقل تئية * عشية شرقي الحدالى وعرب عشية اجفى الناس بي من جفوته * واهدى الطريقين التي أتجنب فقد صرح بان الليالي تقرب إليه البغيض وتنائي عنه الحبيب وما عرض إلا بكافور وسيف الدولة. والحدالى موضع بالشام وعرب جبل هناك. وكذلك البيت الأخير كاد يصرح فيه بان سيف الدولة كان اجفى به من كافور وان طريقه إلى سيف الدولة اهدى من طريقه إلى كافور.
وأصابته وهو بمصر حمى فقال يصفها من قصيدة ويعرض بالرحيل عن مصر وذلك في ذي الحجة سنة 348:
ولم أر في عيوب الناس شيئا * كنقص القادرين على التمام أقمت بأرض مصر فلا ورائي * تخب بي الركاب ولا امامي وزائرتي كان بها حياء * فليس تزور الا في الظلام بذلت لها المطارف والحشايا * فعافتها وباتت في عظامي يضيق الجلد عن نفسي وعنها * فتوسعه بأنواع السقام كان الصبح يطردها فتجري * مدامعها بأربعة سجام أراقب وقتها من غير شوق * مراقبة المشوق المستهام ويصدق وعدها والصدق شر * إذا ألقاك في الكرب العظام جرحت مجرحا لم يبق فيه * مكان للسيوف ولا السهام يقول لي الطبيب أكلت شيئا * وداؤك في شرابك والطعام وما في طلبه اني جواد * أضر بجسمه طول الجمام تعود ان يغبر في السرايا * ويدخل من قتام في قتام فان أمرض فما مرض اصطباري * وان أحمم فما حم اعتزامي وأن أسلم فما أبقى ولكن * سلمت من الحمام إلى الحمام وقال يمدح كافورا من قصيدة وانشده إياها في شوال سنة 349 وهي آخر ما مدحه به:
واني لنجم تهتدي صحبتي به * إذا حال من دون النجوم سحاب غني عن الأوطان لا يستخفني * إلى بلد سافرت عنه اياب واصدى فلا ابدي إلى الماء حاجة * وللشمس فوق اليعملات لعاب وللسر مني موضع لا يناله * نديم ولا يفضي إليه شراب وللخود مني ساعة ثم بيننا * فلاة إلى غير اللقاء تجاب وما العشق الا غرة وطماعة * يعرض قلب نفسه فيصاب أعز مكان في الدنى سرج سابح * وخير جليس في الزمان كتاب وبحر أبي المسك الخضم الذي له * على كل بحر زخرة وعباب تجاوز قدر المدح حتى كأنه * بأحسن ما يثنى عليه يعاب ويا آخذا من دهره حق نفسه * ومثلك يعطى حقه ويثاب ارى لي بقربي منك عينا قريرة * وإن كان قربا بالبعاد يشاب وهل نافعي ان ترفع الحجب بيننا * ودون الذي أملت منك حجاب وفي النفس حاجات وفيك فطانة * سكوتي بيان عندها وخطاب وما شئت الا ان أدل عواذلي * على أن رأيي في هواك صواب وأعلم قوما خالفوني فشرقوا * وغربت اني قد ظفرت وخابوا إذا نلت منك الود فالمال هين * وكل الذي فوق التراب تراب وفي الصبح المنبي فقطع أبو الطيب بعد انشاد هذه القصيدة لا يلقى الأسود إلا أن يركب فيسير معه في الطريق وعمل على الرحيل وقد أعد له كل ما يحتاج إليه على ممر الأيام بلطف ورفق ولا يعلم به أحد من غلمانه وهو يظهر الرغبة في المقام وطال عليه التحفظ فخرج ودفن الرماح في الرمال وحمل الماء على الإبل لعشر ليال وتزود لعشرين. وقال في يوم عرفة من سنة 350 يهجو كافورا:

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 2  صفحة : 528
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست