responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 2  صفحة : 518

وكانت يئست منه فلما وردها كتابه قبلته وحمت لوقتها وغلب الفرح على قلبها فقتلها وليست هذه الحال حال حماسة وفخر بل حال حزن وانكسار وهو مع ذلك يقول:
ولو لم تكوني بنت أكرم والد * لكان أباك الضخم كونك لي اما لئن لذ يوم الشامتين بيومها * لقد ولدت مني لأنفهم رغما تغرب لا مستعظما غير نفسه * ولا قابلا الا لخالقه حكما ولا سالكا إلا فؤاد عجاجه * ولا واجدا الا لمكرمة طعما ولكنني مستنصر بذبابة * ومرتكب في كل حال به الغشما وجاعلة يوم اللقاء تحيتي * وإلا فلست السيد البطل القرما واني من قوم كان نفوسهم * بها أنف ان تسكن اللحم والعظما فلا عبرت بي ساعة لا تعزني * ولا صحبتني مهجة تقبل الظلما وقد تكرر حماسه واعجابه بنفسه واستحقاره عظيم الأمور في شعره بحيث لا تكاد تخلو قصيدة له من اي نوع كانت من ذلك قوله:
أريد من زمني ذا ان يبلغني * ما ليس يبلغه في نفسه الزمن وقوله:
وإذا كانت النفوس كبارا * تعبت في مرادها الأجسام وقوله:
تحقر عندي همتي كل مطلب * ويقصر في عيني المدى المتطاول وقوله:
وإني إذا باشرت أمرا أريده * تدانت أقاصيه وهان أشده وقوله:
انا صخرة الوادي إذا ما زوحمت * فإذا نطقت فإنني الجوزاء وقوله:
الخيل والليل والبيداء تعرفني * والسيف والرمح والقرطاس والقلم وقوله:
وما الدهر إلا من رواة قصائدي * إذا قلت شعرا أصبح الدهر منشدا واستقصاء ذلك يطول به الكلام.
وتظهر في شعر المتنبي القسوة والغطرسة وقلة الرحمة حيث يقول:
ومن عرف الأيام معرفتي بها * وبالناس روى رمحه غير راحم فليس بمرحوم إذا ظفروا به * ولا في الردى الجاري عليهم بإثم اتصاله ببني حمدان وأوله بأبي العشائر في الصبح المنبي عن ياقوت الرومي أنه قال لم يزل المتنبي بعد خروجه من الاعتقال في خمول وضعف حال في بلاد الشام حتى اتصل بابن العشائر وهو الحسن بن علي بن الحسن بن الحسين بن حمدان العدوي وكانه ابن ابن أخي سيف الدولة وكان والي انطاقية من قبل سيف الدولة ومدحه بعدة قصائد أولها التي يقول فيها:
أ تراها لكثرة العشاق * تحسب الدمع خلقة في المآقي حلت دون المزار فاليوم لو زرت * لحال النحول دون العناق يقول فيها:
ليس الا أبا العشائر خلق * ساد هذا الأنام باستحقاق فوق شقاء للأشق [1] مجال * بين ارساغها وبين الصفاق ما رآها مكذب الرسل إلا * صدق القول في صفات البراق يا بني الحارث بن لقمن لا * تعدمكم في الوغى متون العتاق بعثوا الرعب في قلوب الأعادي * فكان القتال قبل التلاقي وتكاد الظبا لما عودوها * تنتضي نفسها إلى الأعناق وإذا أشفق الفوارس من وقع * القنا أشفقوا من الاشفاق وله فيه مدائح كثيرة منها قوله لما أوقع بأصحاب باقيس من قصيدة:
كان على الجماجم منه نارا * وأيدي الناس أجنحة الفراش فولوا بين ذي روح مفات * وذي رمق وذي عقل مطاش فيا بحر البحور ولا أوري * ويا ملك الملوك ولا أحاشي كأنك ناظر في كل قلب * فما يخفى عليك محل غاشي أ أصبر عنك لم تبخل بشئ * ولم تقبل علي كلام واشي فما خاشيك للتكذيب راج * ولا راجيك للتخييب خاشي فسرت إليك في طلب المعالي * وسار سواي في طلب المعاش وقال يمدحه من قصيدة أولها:
لا تحسبوا ربعكم ولا طلله * أول حي فراقكم قتله يقول فيها:
فحزا لعضب أروع مشتمله * وسمهري أروح معتقله وليفخر الفخر إذا غدوت به * مرتديا خيره ومنتعله انا الذي بين الاله به الاقدار * والمرء حيثما جعله فلا مبال ولا مداج ولا وان * ولا عاجز ولا تكله وربما أشهد الطعام معي * من لا يساوي الخبز الذي اكله ويظهر الجهل بي واعرفه * والدر در برغم من جهله مستحييا من أبي العشائر ان * اسحب في غير ارضه حلله لما رأت وجهه خيولهم * أقسم بالله لا رأت كفله وكلما أمن البلاد سرى * وكلما خيف منزله نزله قد هذبت فهمه الفقاهة لي * وهذبت شعري الفصاحة له فصرت كالسيف حامدا يده * لا يحمد السيف كل من يحمله وأراد أبو العشائر سفرا فقال يودعه:
الناس ما لم يروك أشباه * والدهر لفظ وأنت معناه الجود عين وأنت ناظرها * والباس باع وأنت يمناه تنشد أثوابنا مدائحه * بالسن ما لهن أفواه إذا مررنا على الأصم بها * أغنته عن مسمعيه عيناه يا راحلا كل من يودعه * مودع دينه ودنياه إن كان فيما نراه من كرم * فيك مزيد فزادك الله وضرب أبو العشائر مضربه على الطريق وكثرت سؤاله فقال أبو الطيب:
لام أناس أبا العشائر في * جود يديه بالعين والورق


[1] الشقاء الفرس الطويلة والأشق الحصان الطويل. الطويل. المؤلف.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 2  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست