responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 10  صفحة : 361

تصل إلى فم البئر ثم يعود، وماء البئر في نفسه مالح مر وقد جاء الجراد فوقع فيه فاصفر وأنتن وانضاف إلى ذلك الزبل والأوساخ التي تقع فيه فاتينا بماء منه فعملنا به شايا وطبخنا منه فلم نستطع ان نسيغ الشاي ولا الطعام فأعطينا الطعام للدركي الذي كان يصحبنا.
البئر الجديدة ووردنا البئر الجديدة وهي بئر حفرتها الحكومة بين منزلين متباعدين لتنزلها القوافل وماؤها مر مالح فلم نستطع ان نشرب منه وبينما نحن نزول في ذلك المكان إذ ورده فرمانفرما ومعناه أمير الأمراء وهو ابن الشاة ناصر الدين القاجاري قادما من لبنان ومعه العسكر على البغال وجمال تحمل قرب الماء العذب فذهب ونزل في القلعة وجاءت الجنود إلى البئر تستقي منه فذهبت وجعلت انظر إلى البئر، وخرج من القلعة فاستدعاني وجلست فسألني من أين فأجبته بالفارسية انني قادم من النجف إلى دمشق فقال ما أعجب هذا في هذه البرية قادم من النجف يتكلم الفارسية وأمر فجاءوني بالشاي وقال في أثناء حديثه تميدانيد أين ملاها جه يجه بازي ميكنند ما تعلم هؤلاء العلماء في إيران كيف يعملون أعمالا صبيانية. وجاء عكامنا معه المطرة فامر ان تملأ ماء عذبا فملئت ثم ودعته وانصرفت.
في تدمر لما اقبلنا على تدمر رأينا قطارا في البر من بعيد فظنناه قطار جمال ولما سألنا عنه أخبرنا بأنه صف من الأعمدة العظيمة نضدت فوقها الصخور العظيمة في أطلال تدمر القديمة وكان فوقها البناء نظير الأعمدة التي في قلعة بعلبك ورأينا نظيرها قريبا من بلدة تدمر الحالية وبعضها قطعة واحدة وبعضها أكثر وقد نحتت بالآلة وكان العرب يعتقدون ان تدمر من بناء الجن قال شاعرهم:
واستعمل الجن اني قد أذنت لهم * يبنون تدمر بالصفاح والعمد وذهبنا إلى السراي فرأينا حجرا صور عليه انسان وبجانبه طفلان وعلى رأسه شيد التاج وهو يلبس شبه التنورة التي لها كشكش كما هو المتعارف الآن وفوق البلد قلعة على جبل لها خندق قد حفر في الصخر وبناؤها ليس من بناء تدمر القديمة بل حادث بعد ذلك بحجر صغير دخلناها فوجدنا حجرها متداخلة يتيه الإنسان فيها لأن باب كل حجرة من ضمن الأخرى مكلسة كأنما فرع منها الصانع الآن.
في السخنة وجئنا إلى قرية تسمى السخنة وبها ماء حار تفوح منه رائحة الكبريت لكنه عذب فإذا وضع في الآنية برد وأرسلنا لنشتري الخبز من القرية فأبوا ان يبيعونا لظنهم اننا حجاج عجم ولم نستطعمهم كما استطعم موسى والخضر ع أهل تلك القرية فأبوا ان يضيفوهما ولو وجدنا جدارا منقضا أو يريد ان ينقض لم نقمه وانما طلبنا منهم خبزا بثمن فأرسلنا معمما بعمامة بيضاء وقال لهم نحن آتون من بغداد وكنا في زيارة الشيخ عبد القادر ونحن عرب فسمحوا حينئذ بالبيع واعتذروا.
في دمشق وردنا دمشق في أواخر شعبان من سنة 1319 في أواخر الخريف فوجدنا امامنا أمورا هي علة العلل ولا بد في اصلاح المجتمع من النظر في اصلاحها:
1 الأمية والجهل المطبق فقد وجدنا معظم الأطفال يبقون أميين بدون تعليم وبعضهم يتعلمون القراءة والكتابة في بعض الكتاتيب على الطراز القديم.
2 وجدنا اخواننا في دمشق متشاكسين منقسمين إلى حزبين بل إلى احزاب وقد أخذت منهم هذه الحزبية مأخذها.
3 مجالس العزاء وما يتلى فيها من أحاديث غير صحيحة وما يصنع في المشهد المنسوب إلى زينب الصغرى المكناة بام كلثوم في قرية راوية من ضرب الرؤوس بالسيوف والقامات وبعض الأفعال المستنكرة وقد صار ذلك كالعادة التي يعسر استئصالها لا سيما انها ملبسة بلباس الدين.
فوجهنا اهتمامنا إلى اصلاح هذه الأمور الثلاثة إما الأمر الأول وهو أمر التعليم فبذلنا غاية الإمكان في تعليم العلوم العربية لمن يمكن تعليمهم فصاروا بفضل ذلك أهلا لأن يتكلموا في مجالس العلماء ويناظروا الفضلاء، وجاء مرة رجل عراقي من أهل العلم فرآني أدرسهم في علم النحو فقال من هوان الدنيا على الله ان يدرس مثلك في علم النحو، واخذنا في القاء المواعظ في المجتمعات والمجالس والتفقيه في الدين بقراءة درس فقهي في التبصرة كل ليلة بعد صلاة العشاءين، واتجهنا لانشاء مدرسة لتعليم الناشئة فأخذنا دارا عارية بدون اجرة ونقلنا إليها الكتاب الموجود في المحلة وجعلناها مدرسة باسم المدرسة العلوية وابتدأنا بادخال العلوم الحديثة إليها بشكل ضعيف كما هو الشأن في ابتداء كل عمل، وكذلك استأجرنا دارا لتعليم البنات إلى جانب تعليم البنين.
وفي سنة 1320 عزمنا إلى الذهاب إلى حج بيت الله الحرام، وقبل السفر أرادني الحاج محمد حسن بيضون على أن أكلم تجار الحي في أن يشتروا دار أخيه الحاج يوسف لتكون مدرسة وكانت لهم ليلة يجتمعون فيها في الأسبوع يتذاكرون أمور تجارتهم ويدعونني فاجلس معهم وذهب معي وحثني على الكلام معهم في ذلك فترددت لاعتقادي انه من الأطماع الأشعبية وما زال يشير إلي ان أكلمهم وانا متوقف حتى قرب أوان انصرافهم فقلت في نفسي ان لم ينفع الكلام فلا يضر فقلت لهم اننا نحتاج إلى دار نجعلها مدرسة وهذه دار الحاج يوسف بيضون يريد بيعها وانا اشتريها لكم مقسطا ثمنها إلى أربع سنين القسط الأول يدفع بعد سنة وهكذا، وأردت بذلك ان يهون عليهم الأمر بعدم الدفع في الحاضر وقلت انني انا أتعهد بدفع قسم من ثمنها كأحدهم فقال زعيم القوم: الآن عندكم مدرسة عارية ولا داعي لشراء هذه فقال آخر دونه في المنزلة نعم الرأي شراؤها وكل منا إذا حضر الموت لا بد ان يوصي فلنصرف وصيتنا في حياتنا فلم يشأ الزعيم ان يرد ذلك وقد قبل به من هو دونه فقبل وقبل باقي الجماعة وسافرنا إلى بيروت وكلمنا الحاج يوسف في ذلك وطلبنا منه ان يترك قسما من الثمن بقدر ما على أحدهم واتفقنا معه على الثمن ان يكون ثمانمائة ليرة إفرنسية ذهبا موزعة على خمسة أسهم ونصف على الوجه التالي على: الفقير كاتب هذه السطور والحاج يوسف والحاج عباس رضا والحاج سليم العضل كل واحد سهم والحاج مصطفى الصوان وابن أخته كل بنصف سهم والحاج عبد الله والحاج حمزة الروماني كل بنصف سهم مقسطة على أربع سنين

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 10  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست