responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 60

وفي ترجمة معاوية بن حرمل: خرجت نار بالحرة فجاء عمر إلى تميم فقال أخرج فقال وما أنا فصغر نفسه ثم قام فحاشها حتى أدخلها الباب الذي خرجت منه ثم اقتحم في أثرها ثم خرج فلم تضره. والشيعة لا تقول بأن الإمامة تورث حتى يتبعهم في ذلك الصوفية وإنما هي بالنص لا بالميراث.
ولئن كان حصرها في علي وذريته يجعلها إرثا فحصرها في قريش لا يخرجها عن ذلك، والشيعة إذا قالوا بعصمة الأئمة فهو لأنهم:
- مطهرون نقيات ثيابهم * تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا - فلا يقاس بهم من قال بعصمة الأولياء ولو شربوا الخمر، ولم يكن ذلك منهم أتباعا للشيعة فلم تكن عادتهم أتباعهم بل مخالفتهم:
- سارت مشرقة وسرت مغربا * شتان بين مشرق ومغرب - شتان بين خضابها وخضابي. وليس للشيعة المقتدين باهل بيت نبيهم سنة سيئة حتى يستشهد لها بالحديث المذكور.
قال [1]: ومن عقائد الشيعة البارزة الاعتقاد في المهدي وقال [2] وهو امام منتظر يأتي فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. وأول ما نعلم من إطلاقها بهذا المعنى ما زعمه كيسان مولى علي بن أبي طالب في محمد بن الحنفية.
ونقول: الاعتقاد بالمهدي وأنه يأتي في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا لا يختص بالشيعة بل قد اتفق عليه جميع المسلمين وإنما اختلفوا في التفاصيل.
ثم تكلم في التقية فقال [2]: التقية معناها ان يحافظ المرء على عرضه أو نفسه أو ماله مخافة عدوه فيظهر غير ما يضمر فهي مداراة وكتمان وتظاهر بما ليس هو الحقيقة، وهي عند الشيعة النظام السري في شؤونهم فإذا أراد امام الخروج والثورة على الخليفة وضع لذلك نظاما وتدابير وأعلم أصحابه بذلك فكتموه فهذه تقية، وإذا أحسوا ضررا من أحد داروه وأظهروا له الموافقة فهذه أيضا تقية. والتقية عند الشيعة جزء مكمل لتعاليمهم تواصوا به وعدوه مبدأ أساسيا في حياتهم وركنا من دينهم ورووا فيه الشئ الكثير عن أئمتهم وانبنى عليه تاريخهم فالاحداث التاريخية كلها أساسها أمام مختف أو متستر يدعو إلى نفسه في الخفاء ويبث دعاته في الأمصار فيتخذون البيعة من انصارهم ويطالبونهم بالكتمان إلى أن يحين الوقت الملائم فيعلنوا الخروج ويحملوا السلاح في وجه الدولة ثم نقل عن الكافي عدة أخبار في التقية لا ضرورة إلى نقلها.
ونقول: في كلامه هذا أخطاء من وجوه أولا إن التقية عند الشيعة هي كما عرفها وهي كذلك عند قومه لا تزيد عنها قيد شعره فقوله هي عند الشيعة النظام السري الخ غير صواب والتقية مما جبلت عليه نفوس البشر واعتمده جميع العقلاء من جميع الملل في كل عصر وزمان.
ومن لا يعمل بها يعد متهورا ناقص العقل والشيعة لم تزد في التقية شيئا عما يفعله العقلاء حتى الأستاذ احمد أمين حينما يلجئه الخوف إليها ولا يحتاج ذلك إلى آية أو رواية ومع هذا فقد نص القرآن على جوازها وجوز إظهار كلمة الكفر وسب النبي لأجلها وهو أعظم ما يتصور وذلك يهدم كل ما يعيبونه على الشيعة في أمر التقية ويهولون به وإنما كثر ذكرها عند الشيعة لشدة الخوف والظلم، ولكن هؤلاء الاخوان الذين جعلوا نصب أعينهم ستر محاسن الشيعة والتنقيب والبحث عما لعلهم يجدون فيه تنقيصا للشيعة لا يزالوان يثيرون كل مسالة يأملون ان يجدوا فيها بغيتهم من تنقيص الشيعة ويتبع اللاحق السابق بدون تفكير ولا تمحيص.
ثانيا جعلها عند الشيعة النظام السري في شؤونهم تهويل بارد فإنها لا تخرج عما ذكرناه قيد شعره.
ثالثا تمثيله لذلك بأنه إذا أراد الامام الخروج الخ غير صحيح فائمة الشيعة الاثني عشرية الذين يتبادرون عند اطلاق لفظ الشيعة لم يجر لأحد منهم شئ مما ذكره حتى يعد نظاما سريا في شؤونهم فما هو إلا التهويل بغير معنى.
رابعا إذا كانوا عندما يحسون ضررا من أحد يدارونه ويظهرون له الموافقة فهل هذا يخرج عن التعريف الذي ذكره وعما هو عند قومه حتى يذكره في مميزات الشيعة.
خامسا جعله التقية عند الشيعة جزءا مكملا لتعاليمهم ومبدأ أساسيا في حياتهم وركنا من دينهم كلها تهويلات فارغة فالتقية عندهم كما هي عند سائر العقلاء وعند أحمد أمين نفسه المحافظة على العرض والنفس والمال عند الخوف باظهار خلاف الحقيقة. وحيث كثر الخوف على الشيعة من أعدائهم فلا جرم أن تواصوا بالتقية ورووا فيها الشئ الكثير.
سادسا إسناده الاحداث التاريخية كلها إلى التقية واستدلاله لذلك بان الامام يدعو إلى نفسه في الخفاء ويبث دعاته فيأخذون البيعة له من أنصاره ويوصونهم بالكتمان إلى حين فيخرجون ويحملون السلاح في وجه الدولة عار عن الصحة. فائمة الشيعة الاثني عشر لم يخرج أحد منهم بالسيف إلا الحسين أما الباقون فلم يأخذ لهم أحد البيعة ولم يحمل أحد من اتباعهم السلاح في وجه الدولة وإنما الذي ذكره كان مظهرا من مظاهر غير الشيعة.
قال [3]: كانت التقية عند الشيعة سببا في تحميل الكلام معاني خفية وجعلهم للكلام ظاهرا يفهمه كل الناس وباطنا يفهمه الخاصة.
ونقول: روى أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن. فليست الشيعة هي التي حملت الكلام معاني خفية وجعلت له ظاهرا وباطنا والله تعالى قد حمل القرآن الكريم معاني خفية وجعل له ظاهرا وباطنا فجعل فيه المحكم والمتشابه. والقرآن نزل في بيوت أئمة أهل البيت وعلى جدهم الرسول ص وتلقوا علمه عنه لاحقا عن سابق فلا غرو أن علموا خفيه وجليه وظاهره وباطنه.
قال: وفسر بعضهم بعض آيات القرآن على هذا النحو جعلوا كثيرا من الآيات رمزا لعلي والأئمة مثل يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته قال بعضهم المراد بما أنزل إليك خلافة علي.
ونقول: هذا التفسير لهذه الآية لم تروه الشيعة وحدها فقد روى


[1] ضحى الإسلام ج 3 ص 235 الطبعة الثالثة.
[2] ضحى الاسلام ج 3 ص 247 الطبعة الثالثة.
[3] ضحى الاسلام ج 3 ص 248 الطبعة الثالثة.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست