responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 59

يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم وعاتب رسوله ص على الإذن للمتخلفين في غزاة تبوك بقوله عفا الله عنك لم أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكافرين.
وليست درجة علي في العصمة أعلى من درجة النبي ص واما إظهار الحسين الكراهة من صلح الحسن ع فلأنه صلح مجحف بحقهم ارغموا عليه إرغاما فحق للحسين ان يكرهه ويكون جز الأنف أحب إليه منه وليس معنى هذا انه خطا أخاه فيما صنعه بل هو عين المصلحة والصواب وإن كرهه وصعب عليه وكان غيره أحب إليه لو أمكن.
قال [1]: ويتصل بهذه العصمة قولهم بان الأئمة وسطاء بين الله والناس وشفعاء وإن الاعتقاد فيهم كاف في محو السيئات ورفع الدرجات، المفضل بن عمر: قلت لأبي عبد الله لم صار علي قسيم الجنة والنار، قال:
لأن حبه إيمان وبغضه كفر وإنما خلقت الجنة لأهل الايمان، والنار لأهل الكفر فهو قسيم الجنة والنار، لا يدخل الجنة إلا محبوه ولا يدخل النار إلا مبغضوه.
ثم قال: وكتب الشيعة مملوءة بالأحاديث والأخبار الدالة على هذا المبدأ وفيه هدم لمبدأ الاسلام الجميل وهو مسؤولية الإنسان وإن قيمة كل إنسان عمله. ففي الاعتقاد بذلك إهدار ركن من أعظم أركان الاسلام وهو المطالبة بالعمل الصالح والنهي عن العمل السئ وارتباط الثواب والعقوبة بهما إذ يكفي حب آل البيت ثم ترتفع التكاليف.
ونقول: الشفاعة وطلب الدعاء من المؤمنين وما جرى هذا المجرى من ضروريات دين الاسلام ولا يختص بالشيعة بل ورد أن من المؤمنين من يشفع في مثل ربيعة ومضر وليس متصلا بالعصمة كما قال، حتى أن الوهابيين لم ينكروا الشفاعة ولكن قالوا إنه لا يصح طلبها من العبد وإن كان له الشفاعة بل يقول اللهم اقبل شفاعته في، وحتى أن ابن تيمية ترقى عن ذلك فقال إن النبي ص طلب الدعاء من عمر فقال لا تنسنا من دعائك يا أخي. وإما أن الاعتقاد بهم كاف في محو السيئات ورفع الدرجات فكذب وافتراء. أنه لا يمحو السيئات إلا التوبة. ولا يرفع الدرجات إلا العمل الصالح عندهم. وفي روايتهم عن الأئمة إن الله خلق الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشيا والنار لمن عصاه ولو كان سيدا قرشيا.
وأما أن عليا قسيم الجنة والنار فلم تروه الشيعة وحدها بل رواه غيرها أيضا حتى أن صاحب تاج العروس نقله في كتابه في مادة قسم عن النبي ص يا علي أنت قسيم النار تقول هذا لي وهذا لك. وأما إن حبه ايمان وبغضه كفر فلم تختص بروايته الشيعة فقد روى الجميع قول النبي ص إنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق. رواه مسلم في صحيحه والنسائي في الخصائص والطبراني في المعجم والترمذي في سننه وأحمد بن حنبل في مسنده وابن الأثير في أسد الغابة وابن عبد البر في الاستيعاب عن طائفة من الصحابة وغيرهم. وأما أنه لا يدخل النار إلا مبغضوه فلا يقول به الشيعة بل النار للعاصين من مبغضيه ومحبيه وهو بديهي من أقوال الشيعة. وكتب الشيعة إن كانت مملوءة بالأحاديث الدالة على مبدأ الشفاعة وإن عليا قسيم الجنة والنار وإن حبه إيمان وبغضه كفر فكتب من تسموا باهل السنة مملوءة به أيضا، فإن كان فيه هدما لمبدأ الاسلام الجميل كما زعم فهو عند الفريقين، ولكن الصواب ان فيه توطيدا لمبدأ الاسلام الجميل وهو الرأفة بالعبد وفتح باب الشفاعة له والتنويه بفضل علي الذي هو أهل لكل فضيلة بان حبه إيمان وبغضه كفر، وليس في ذلك منافاة لمبدأ الاسلام الجميل من مسؤولية الإنسان وإن قيمة كل إنسان عمله وارتباط الثواب والعقاب بالعمل الصالح والعمل السئ. وأما إنه يكفي حب آل البيت وترتفع التكاليف فتهويل بارد وكذب وافتراء مشين لقائله، فالشيعة أكثر الناس محافظة على الطاعات والعبادات والأعمال الصالحة وأشد محافظة على ترك المحرمات والأعمال السيئة. وإنما يكون أقرب إلى هذا الذي قاله من قال: إن العبد مجبور على أفعاله، وإن الله تعالى لو أراد أن يدخل محمدا النار وإبليس الجنة لم يكن ذلك قبيحا ولا ظلما.
قال [2]: دخل على المسلمين من جراء العصمة والمبالغة في الشفاعة ضرر كبير ولم يقتصر على الشيعة إذ تسربت تعاليمهم إلى غيرهم فكان السنيون إذا رأوا الشيعة ينسبون عملا وفضلا لأمام نسبوا مثله للأنبياء على الأقل فغلا بعضهم في القول بعصمة الأنبياء وهو مخالف لصريح القرآن.
ورأوا الشيعة يقولون بان للامام نورا فقال بعضهم أن رسول الله ص لم يكن له ظل ورأوا الشيعة تقول إن الإمامة تورث فزعم بعض الصوفية إن مشيخة الطرق تورث ورأوا الشيعة تقول بعصمة الأئمة فاعتقد العامة بعصمة الأولياء ولو شربوا الخمر وكم فسد الإسلام من هذه الأوهام. ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.
ونقول: الشفاعة ثابتة بضرورة دين الاسلام كما مر وبالنقل المتواتر فلا يعقل أن يدخل على الاسلام منها ضرر لا كبير ولا حقير ومن بالغ فيها أو لم يبالغ لم يتبع إلا النص فان طريقها النقل والعصمة ثبتت بالأدلة والبراهين القاطعة فلا يمكن أن يدخل بها ضرر على الاسلام أيضا وانما دخل الضرر الكبير على المسلمين من جراء تجويز الإمامة لكل أحد حتى للفساق:
- حتى إذا أصبحت في غير صاحبها * باتت تنازعها الذؤبان والرخم - فصار الحاكم في دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم الفساق والمعلنون بالفجور. وأما جعله القول بعصمة الأنبياء غلوا مخالفا لصريح القرآن وإنه تسرب إلى السنيين من الشيعة فلو تم له القول بعدم عصمة الأنبياء لكان القول بعدم عصمة الأئمة أحق واولى. وأنى له ذلك وحكمة الله البالغة تأبى أن يرسل الله إلى العباد عاصيا ويامرهم بطاعته، ومعصيته توجب سقوط محله من القلوب وعدم طاعته وهو نقض للغرض المقصود من إرساله وهو قبيح يجب تنزيه الله عنه، وظاهر القرآن إذا خالف حكم العقل القاطع وآيات القرآن الأخرى، مثل: لا ينال عهدي الظالمين، لم يجز الاستناد إليه فكما تركنا ظاهر الآيات الدالة على التجسيم لمخالفتها حكم العقل القاطع وظاهر الآيات الأخرى يلزمنا ترك ظواهر هذه الآيات. وكون السنيين تسربت إليهم هذه العقيدة من الشيعة تخرص على الغيب واعتماد على الأوهام ومتى كان السنيون يتبعون الشيعة في عقيدة أو غيرها. وهكذا الكلام في أن الامام له نور والنبي ليس له ظل، ولسنا ندري ما يريد بكون الامام له نور، فانا لا نعرف ذلك من عقيدة الشيعة، نعم روى غير الشيعة إن رجلين من الصحابة كانا إذا فارقا النبي ص ليلا ذاهبين إلى منازلهما أضاءت لهما عصا أحدهما فإذا افترقا أضاءت لكل واحد عصاه،


[1] ضحى الاسلام ج 3 ص 234 الطبعة الثالثة.
[2] ضحى الاسلام ج 3 ص 235 الطبعة الثالثة.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست