responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 541

هوى فيه من رعيتك فإنك ان لا تفعل تظلم. ومن ظلم عبدا لله كان الله خصمه دون عباده ومن خاصمه الله ادحض حجته وكان لله حربا حتى ينزع ويتوب. وليس شئ أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم. فان الله يسمع دعوة المضطهدين وهو للظالمين بالمرصاد.
امره بتقديم رضى العامة مع العدل على رضى الخاصة قال: وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق وأعمها في العدل واجمعها لرضى الرعية. فان سخط العامة يجحف برضى الخاصة وان سخط الخاصة يغتفر مع رضى العامة وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء وأقل معونة له في البلاء وأكره للانصاف وأسال بالالحاف وأقل شكرا عند الاعطاء وابطا عذرا عند المنع واضعف صبرا عند ملمات الدهر من أهل الخاصة، وانما عمود الدين وجماع المسلمين والعدة للأعداء العامة من الأمة، فليكن صفيك لهم وميلك معهم.
نهيه عن قبول قول النمام والواشي وليكن أبعد رعيتك منك وأشنأهم عندك اطلبهم لمعايب الناس فان في الناس عيوبا الوالي أحق من سترها، فلا تكشفن عما غاب عنك منها، فإنما عليك تطهير ما ظهر لك والله يحكم على ما غاب عنك فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك اطلق عن الناس عقدة كل حقد واقطع عنك سبب كل وتر وتغاب عن كل ما لا يصلح لك، ولا تعجلن على تصديق ساع فان الساعي غاش وان تشبه بالناصحين.
نهيه عن استشارة البخيل والجبان والحريص.
ولا تدخلن في مشورتك بخيلا يعدل بك عن الفضل ويعدك الفقر، ولا جبانا يضعفك عن الأمور، ولا حريصا يزين لك الشره بالجور فان البخل والجبن والحرص غرائز شتى يجمعها سوء الظن بالله.
من الذي ينبغي ان يستوزره ان شر وزرائك من كان قبلك للأشرار وزيرا، ومن شركهم في الآثام فلا يكونن لك بطانة فإنهم أعوان آثمة واخوان ظلمة وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم وليس عليه مثل آصارهم [1] وأوزارهم وآثامهم ممن لم يعاون ظالما على ظلمه، ولا آثما على إثمه أولئك أخف عليك مؤونة وأحسن لك معونة وأحنى عليك عطفا وأقل لغيرك ألفا، فاتخذ أولئك خاصة لخلواتك وحفلاتك ثم ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك وأقلهم مساعدة فيما يكون منك مما كره الله لأوليائه واقعا ذلك من هواك حيث وقع.
من ينبغي ان يجالسهم وألصق باهل الورع والصدق، ثم رضهم على أن لا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله فان كثرة الاطراء تحدث الزهو وتدني من العزة.
ايصاؤه بعدم التسوية بين المحسن والمسئ ولا يكونن المحسن والمسئ عندك بمنزلة سواء، فان في ذلك تزهيدا لأهل الاحسان في الاحسان وتدريبا لأهل الإساءة على الإساءة والزم كلا منهم ما ألزم نفسه.
امره بالاحسان إلى الرعية اعلم أنه ليس شئ بادعى إلى حسن ظن وال برعيته من احسانه إليهم وتخفيف المؤنات عليهم، وترك استكراهه إياهم على ما ليس له قبلهم، فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن برعيتك فان حسن الظن يقطع عنك نسبا طويلا فان أحق من حسن ظنك به لمن حسن بلاؤك عنده، وان أحق من ساء ظنك به لمن ساء بلاؤك عنده.
امره باتباع السنة الصالحة ولا تنقض سنة صالحة عمل بها صدور هذه الأمة واجتمعت بها الألفة وصلحت عليها الرعية، ولا تحدثن سنة تضر بشئ من ماضي تلك السنن فيكون الاجر لمن سنها والوزر عليك بما نقضتها.
امره بمدارسة العلماء والحكماء وأكثر مدارسة العلماء ومناقشة الحكماء، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك وإقامة ما استقام به الناس قبلك.
تقسيمه الرعية إلى طبقات وبيان ما يجب لكل طبقة منهم واعلم أن الرعية طبقات لا يصلح بعضها الا ببعض ولا غنى ببعضها عن بعض فمنها جنود الله ومنها كتاب العامة والخاصة ومنها قضاة العدل ومنها عمال الإنصاف والرفق ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمة ومسلمة الناس، ومنها التجار وأهل الصناعات ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجات والمسكنة. وكل قد سمى الله له سهمه ووضع على حده وفريضته في كتابه أو سنة نبيه ص عهدا منه محفوظا فالجنود بإذن الله حصون الرعية وزين الولاة وعز الدين وسبل الأمن وليس تقوم الرعية الا بهم. ثم لا قوام للجنود الا بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدوهم ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ويكون من وراء حاجتهم ثم لا قوام لهذين الصنفين الا بالصنف الثالث من القضاء والعمال والكتاب لما يحكمون من المعاقد ويجمعون من المنافع ويأ تمنون عليه من خواص الأمور وعوامها ولا قوام لهم جميعا الا بالتجار وذوي الصناعات فيما يجتمعون عليه من مرافقهم ويقيمونه من أسواقهم ويكفونهم من الترفق بأيديهم مما لا يبلغه رفق غيرهم. ثم الطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة الذين يحق رفدهم ومعونتهم وفي الله لكل سعة ولكل على الوالي حق بقدر ما يصلحه.
امره بالاستعانة بالله لقضاء هذه الحقوق وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله تعالى من ذلك الا بالاهتمام والاستعانة بالله وتوطين نفسه على لزوم الحق والصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل.
شروط امراء الجيوش فول من جنودك انصحهم في نفسك لله ولرسوله وامامك وأنقاهم جيبا وأفضلهم حلما ممن يبطئ عن الغضب ويستريح إلى العذر ويرأف بالضعفاء وينبو على الأقوياء وممن لا يثيره العنف ولا يقعد به الضعف ثم ألصق بذوي المروءات والأحساب وأهل البيوتات الصالحة والسوابق الحسنة ثم أهل النجدة والشجاعة والسخاء والسماحة فإنهم جماع من الكرم وشعب من العرف.


[1] الآصار بالمد جمع أصر بالكسر وهو الذنب

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 541
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست