responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 45

من الرأي وتمثيل زيد بالشجرة إن صح لا يرتكز على أساس فليست الأحكام الشرعية بضرب الأمثال وإن كان الأمر كذلك فكيف ورث الأخ مع البنت بالتعصيب على أن هذا ينافي ما مر من أن عمر وعليا قالا بإرث الإخوة مع الجد.
واستشهد [1] بقصة رجل قتلته امرأة أبيه وخليلها فتردد عمر هل يقتل الكثير بالواحد فقال له علي أ رأيت لو أن نفرا اشتركوا في سرقة جزور فاخذ هذا عضوا وهذا عضوا أ كنت قاطعهم قال نعم قال كذلك هذا فعمل عمر برأيه.
ونقول: هذا استنباط من الدليل لا عمل بالرأي فالقاتل يصدق على كليهما كالسارق.
وقال في المسألة المشتركة وهي المعروفة بالحمارية وهي امرأة توفيت عن زوج وأم وأخوة لأم وأخوة أشقاء كان عمر يعطي للزوج النصف وللأم السدس وللأخوة لأم الثلث فلا شئ للأخوة الأشقاء فقيل له هب إن أبانا كان حمارا أ لسنا من أم واحدة فعدل رأيه وأشرك بينهم.
ونقول: للأم هنا الثلث لأنها ليست بمحجوبة إذ من شرط الحجب وجود الأب وإن صحت هذه القصة كانت أدل على بطلان العمل بالرأي.
قال: [2] ولما سئل علي في عقوبة شارب الخمر قال من شرب هذى ومن هذى افترى فأرى عليه حد المفترى وهو القاذف.
ونقول: إن كان شارب الخمر ورد له حد في الشرع وقد ورد له في السنة فليس هذا رأيا من علي إنما هو استنباط حكمة تناسب علم علي وإن لم يرد له كان تعزيره موكولا إلى رأي الامام وما استنبطه في ذلك يدل على علم غزير وكيف كان فلا دلالة له على العمل بالرأي.
قال: [3] ولعل عمر كان أظهر الصحابة في استعمال الرأي وكان هذا من توفيق الله للمسلمين بل يظهر أنه كان يستعمل الرأي في أوسع من المعنى الذي ذكرناه وهو استعمال الرأي حيث لا نص من كتاب ولا سنة ولكننا نرى عمر سار أبعد من ذلك فكان يجتهد في تعرف المصلحة التي لأجلها كانت الآية أو الحديث ثم يسترشد بتلك المصلحة في أحكامه مثل ما روي عنه أنه منع المؤلفة قلوبهم ومزق كتاب أبي بكر الذي كتبه بأرض لعيينة بن حصن والأقرع بن حابس وقال إن الله أعز الاسلام فان ثبتم عليه وإلا فبيننا وبينكم السيف وبعدم قطعه أيدي غلمة حاطب وقد أقروا بالسرقة لما علم أنهم كانوا جياعى لو أكلوا ما حرم الله عليهم حل لهم.
ونقول: بعد ما عرفت أن استعمال الرأي في الدين غير صواب لم يعقل أن يكون استعماله توفيقا للمسلمين بل هو من عدم توفيقهم، وقول الصحابي لم يقم دليل على أنه حجة ولا عد من أدلة الأحكام وأما استشهاده بقصة الكتاب للأقرع و عيينة فخرج عن الموضوع لأن حاصل القصة أن أبا بكر كان يتألفهما وفي زمن عمر لم يبق موجب لتألفهما فأين هذا من استعمال الرأي في مورد النص وكذلك عدم قطع أيدي غلمة حاطب لأن من كان يحل له أكل الميتة لجوعه لا يقطع في السرقة فإن كان الغلمة كذلك لم يكن عملا بالرأي وإلا وجب قطعهم، نعم إسقاط حي على خير العمل من الأذان بعد ما كانت على عهد رسول الله ص لئلا يترك الناس الجهاد وجعل الطلاق الثلاث ثلاثا بعد ما كان على عهد الرسول وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر واحدة كما سيأتي في الذي بعده وغير ذلك هو من العمل بالرأي مقابل النص.
قال: [4] ومثل ذلك ما جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس: كان الطلاق الثلاث على عهد رسول الله ص وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم فأمضاه.
ونقول: كان من أثر هذا الرأي الذي هو من جملة توفيق الله للمسلمين عند الأستاذ أحمد أمين أن الرجل إذا غضب على زوجته وقال لها أنت طالق ثلاثا أن تحرم عليه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره فيضطر هذا المسكين بعد أن يؤوب إليه رشده إلى أن يستدعي رجلا مستورا إلى بيته فيعشيه ويزوجه بزوجته ويدخله عليها لأنه وقع بين مصائب: إما فراق زوجته التي عليها قيام بيته وتربية أولاده وإما بقاؤه معها الذي يعتقد أنه زنا وإما تزويجها برجل في بيته وعلى فراشه فيختار الأخير وإن نافى مروءته وشهامته لا سيما إذا كان الطلاق يصح باللفظ العامي الملحون لأنه من الآراء التي فيها التوفيق للمسلمين وفي حال الحيض وإن كان بدعة وفي طهر المواقعة وبدون شاهدين عدلين وإن خالف قوله تعالى: واشهدوا ذوي عدل منكم. وهذا هو الذي لا يحتاج إلى تعليق عليه ويكتفي بمجرد نقله لا ما قاله في بعض الأحاديث الواردة في فضل علي كما مر.
ومن عجيب آراء الأستاذ أحمد أمين قوله في فجر الاسلام: [5] أن الأحاديث الموضوعة نفسها كان لها فضل في التشريع فإنها لم توضع اعتباطا ولا كانت مجرد قول يقال إنما كانت في الغالب نتيجة تفكير فقهي وبحث واجتهاد ثم وضع هذا الرأي وهذا الاجتهاد في قالب حديث. وهذا هو الذي لا يحتاج إلا لمجرد نقله بدون تعليق عليه لا ما زعمه من بعض الأحاديث الواردة في فضل علي كما مر. وما كنا نحسب أن نصل إلى زمان يعد فيه لوضع الأحاديث على الرسول ص فضل على التشريع. ولعل المتتبع لكتابه الفجر والضحى يجد من هذا القبيل شيئا كثيرا.
وقال: [6] كانت البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي ص أن أهل بيته أولى أن يخلفوه.
ونقول: بل البذرة الأولى للشيعة كانت في عهد النبي ص وقد بذرها النبي ص بما كان ينوه به من فضله مثل أنت مني بمنزلة هارون من موسى وغيره.
قال: وظهرت فكرة الدعوة لعلي بسيطة كما يدل عليه التاريخ وتتلخص في أن لا نص على الخليفة فترك الأمر لأعمال الرأي فالأنصار أداهم رأيهم إلى أنهم أولى بها والمهاجرون كذلك وأصحاب علي إلى أن الخلافة ميراث أدبي ولو كان النبي يورث في ماله لكان أولى به قرابته فكذلك الإرث الأدبي.


[1] فجر الاسلام ص 291 الطبعة الرابعة.
[2] فجر الاسلام ص 291 الطبعة الرابعة.
[3] فجر الاسلام ص 292 الطبعة الرابعة.
[4] فجر الاسلام ص 293 الطبعة الرابعة.
[5] فجر الاسلام ص 301 الطبعة الرابعة.
[6] فجر الاسلام ص 326 الطبعة الرابعة.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 45
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست