responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 370

طالب في ابنه علي من مخايل الشجاعة والرجولة والباس والنجدة وأنه سيكون خير ناصر للنبي ص وأعظم محام عنه ومؤازر له وما أخطأت فراسته فيه بل أصابت فكان عند فراسته فيه بأقصى حد يتصور.
ما جرى له عند وفاة أبي طالب ولما توفي أبو طالب ومر الخلاف في سنة وفاته في الجزء الثاني، جاء علي إلى النبي ص فاعلمه بوفاته فحزن عليه حزنا شديدا وأمر عليا بتغسيله واعترض جنازته وأثنى عليه وحلف ليستغفرن له وليشفعن فيه شفاعة يعجب لها الثقلان. روى السيد فخار بن معد الموسوي من أهل المائة السابعة في كتابه الذي ألفه في اسلام أبي طالب أن أبا طالب لما مات جاء علي ع إلى النبي ص فاذنه بموته فتوجع عظيما وحزن شديدا ثم قال امض فتول غسله فإذا رفعته على سريره فاعلمني ففعل فاعترضه رسول الله ص وهو محمول على رؤوس الرجال فقال له وصلتك رحم يا عم وجزيت خيرا فلقد ربيت وكفلت صغيرا ونصرت وآزرت كبيرا ثم تبعه إلى حفرته فوقف عليه فقال أما والله لأستغفرن لك ولأشفعن فيك شفاعة يعجب لها الثقلان اه. أما ما رووه أن عليا ع جاء إلى رسول الله ص بعد موت أبي طالب فقال له أن عمك الضال قد قضى فما الذي تأمرني فيه، فلا يقبله عقل عاقل فان أبا طالب لو فرض محالا أنه مات كافرا لم يكن علي ليواجه رسول الله ص في حقه بهذا الكلام الخشن الجافي الذي لا يصدر إلا من أ جلاف الناس ومن ليس عنده شئ من كرم الأخلاق، وحاشا عليا أن يكون كذلك وكيف يواجهه بهذا الكلام في حق عمه الذي رباه ونصره وحمل المشاق العظيمة في نصرته ومع ذلك هو أبوه وهل يستجيز عاقل أن يقول رجل من أدنى الناس مثل هذا الكلام في حق أبيه فضلا عن علي بن أبي طالب في أخلاقه السامية.
الهجرة إلى الطائف روى الطبري في تاريخه:
أنه لما مات أبو طالب طمعت قريش في رسول الله ص ونالت منه ما لم تكن تناله في حياة أبي طالب، فخرج من مكة إلى الطائف وذلك في شوال من سنة عشر من الهجرة فأقام بالطائف عشرة أيام وقيل شهرا فدعاهم إلى الاسلام فلم يجيبوه وأغروا به سفهاءهم وكان معه زيد بن حارثة، قال ابن أبي الحديد: والشيعة تروي أنه كان معه علي بن أبي طالب أيضا. أقول: وهو الصواب فان عليا لم يكن ليفارقه في مثل هذه الحال كما لم يفارقه في غيرها، ولم يكن ليرغب بنفسه عنه.
ليلة الغار ومبيت علي على الفراش وكما فدا أبو طالب النبي ص بولده علي فكان يقيم النبي من مرقده خوفا عليه من اغتيال المشركين وينيم ولده عليا مكانه ليكون فداء له لو قصده المشركون باغتيال كما مر، كذلك فدا علي النبي ص بنفسه بعد وفاة أبيه فنام على فراش النبي ص ليلة الغار وفداه بنفسه وسن له أبوه في حياته في المحافظة على النبي ص إلى حد الفداء بالنفس سنة اتبعها علي بعد وفاة أبيه ووطن نفسه عليها واستهان بالموت في سبيلها، وذلك أن قريشا ائتمرت برسول الله ص في دار الندوة لما أعياهم أمره ورأوا دعوته لا تزداد إلا انتشارا فاجمع رأيهم على اغتياله ليلا وهو في فراشه وانتخبوا من قبائلهم العشر من كل قبيلة رجلا شجاعا ليهجموا عليه ليلا فيقتلوه ويضيع دمه في القبائل ويرضى قومه بالدية، ومر ذلك مفصلا في الجزء الثاني في السيرة النبوية ونعيد هنا جملة مما ذكرناه هناك مما يتعلق بعلي ع وإن لزم بعض التكرار ثم نتبعه ببعض ما ورد فيه من الروايات مما لم نذكره هناك:
فنقول:
روى الشيخ الطوسي في أماليه بسنده ورواه غيره أنه لما اشتد البلاء على المؤمنين بمكة من المشركين أذن لهم النبي ص بالهجرة إلى المدينة فهاجروا فلما رأى ذلك المشركون اجتمعوا في دار الندوة وائتمروا في رسول الله ص فقال العاص بن وائل وأمية بن خلف نبني له بنيانا نستودعه فيه حتى يموت فقال صاحب رأيهم لئن صنعتم ذلك ليسمعن الحميم والمولى الحليف ثم لتأتين المواسم والأشهر الحرم بالأمن فلينتزعن من أيديكم فقال عتبة وأبو سفيان نرحل بعيرا صعبا ونوثق محمدا عليه ثم نقصع البعير بأطراف الرماح فيقطعه أربا أربا فقال صاحب رأيهم أ رأيتم أن خلص به البعير سالما إلى بعض الأفاريق فاخذ بقلوبهم بسحره وبيانه فصبا القوم إليه واستجابت القبائل له فيسيرون إليكم بالكتائب والمقانب فلتهلكن كما هلكت اياد فقال أبو جهل لكني أرى لكم رأيا سديدا وهو أن تعمدوا إلى قبائلكم العشر فتنتدبوا من كل قبيلة رجلا نجدا ثم تسلحوه حساما عضبا حتى إذا غسق الليل أتوا ابن أبي كبشة فقتلوه فيذهب دمه في قبائل قريش فلا يستطيع بنو هاشم وبنو المطلب مناهضة قريش فيرضون بالدية فقال صاحب رأيهم أصبت يا أبا الحكم هذا هو الرأي فلا تعدلوا به رأيا وكموا في ذلك أفواهكم، فسبقهم الوحي بما كان من كيدهم وهو قوله تعالى وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين فدعا رسول الله ص عليا ع وأخبره بذلك وقال له أوحى إلي ربي أن أهجر دار قومي وانطلق إلى غار ثور تحت ليلتي هذه وان آمرك بالمبيت على فراشي ليخفى بمبيتك عليهم أمري، واشتمل ببردي الحضرمي وكان له برد حضرمي اخضر أو أحمر ينام فيه ثم ضمه النبي ص إلى صدره وبكى وجدا به فبكى علي جزعا لفراق رسول الله ص.
وفي أسد الغابة:
بسنده عن ابن إسحاق قال: أقام رسول الله ص ينتظر الوحي بالإذن له في الهجرة إلى المدينة حتى إذا اجتمعت قريش فمكرت بالنبي ص فدعا علي بن أبي طالب فامره ان يبيت على فراشه ويستجي ببرد له اخضر ففعل ثم خرج رسول الله ص على القوم وهم على بابه، قال ابن إسحاق وتتابع الناس في الهجرة وكان آخر من قدم المدينة من الناس ولم يفتن في دينه علي بن أبي طالب وذلك إن رسول الله ص أخره بمكة وأحله ثلاثا وأمره ان يؤدي إلى كل ذي حق حقه ففعل ثم لحق برسول الله ص ثم روى بسنده عن أبي رافع في هجرة النبي ص انه خلف عليا يخرج إليه باهله وأمره ان يؤدي عنه أمانته ووصايا من كان يوصي إليه وما كان يؤتمن عليه من مال فادى علي أمانته كلها وأمره ان يضطجع على فراشه ليلة خرج وقال إن قريشا لا يفقدوني ما رأوك فاضطجع على فراشه وكانت قريش تنظر إلى فراش النبي ص فيرون عليه عليا فيظنونه النبي ص حتى إذا أصبحوا رأوا عليه عليا فقالوا لو خرج محمد لخرج بعلي معه فحبسهم الله بذلك عن طلب النبي ص حين رأوا عليا.
وفي مبيت علي ع على الفراش ليلة الغار يقول شاعر أهل

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 370
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست