responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 263

ناحية سلع ثم صرخ وا صباحاه ثلاثا وقيل نادى الفزع الفزع ونودي يا خيل الله اركبي وكان أول ما نودي بها، وركب رسول الله ص فخرج غداة الأربعاء مقنعا في الحديد فوقف فكان أول من أقبل إليه المقداد بن عمرو وعليه الدرع والمغفر شاهرا سيفه فعقد له ص لواء في رمحه وقال امض حتى تلحقك الخيول انا على اثرك وهو الذي يقال له المقداد بن الأسود لأنه كان في حجر الأسود بن عبد يغوث وتبناه فنسب إليه وتلاحقت به الفرسان واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم وخلف سعد بن عبادة في ثلثمائة من قومه يحرسون المدينة اما سلمة فبعد ما صاح واعلم الناس خرج يشتد في اثر القوم كالسبع وقد كاد يسبق الفرس جريا وهو على رجليه حتى أدركهم فجعل يراميهم بالنبل ويقول:
- خذها وأنا ابن الأكوع * اليوم يوم الوضع - أي يوم هلاك اللئام فإذا وجهت الخيل نحوه انطلق هاربا قال كنت الحق الرجل منهم فارميه بسهم في رجليه فيعقره فإذا رجع إلى فارس منهم أتيت شجرة فجلست في أصلها ثم ارميه فاعقره فيولي عني فإذا دخلت الخيل في بعض مضايق الجبل علوته ورميتهم بالحجارة ولحق بهم رسول الله ص وقسم في كل مائة من أصحابه جزورا ينحرونها وكانوا خمسمائة وقيل سبعمائة وبعث سعد بن عبادة باحمال تمر وبعشر جزائر فوافت رسول الله ص بذي قرد واستخلصوا منه عشر قلائص وفاتتهم عشر وقيل استخلصوا الجميع وقتل من المسلمين رجل اسمه قمير من الفرسان وقتل من المشركين جماعة ورجعت زوجة أبي ذر هربت منهم ليلا على بعض تلك القلائص فقالت يا رسول الله اني نذرت ان انحرها ان نجاني الله عليها قال بئسما حزيتها لا نذر في معصية ولا فيما لا تملكين وعاد ص إلى المدينة وقد غاب عنها خمس ليال ولم يذكروا ان عليا ع حضر هذه الغزاة فلعله كان غائبا عن المدينة أو له مانع والا فهو فارس الغزوات وصاحب راية رسول الله ص لا يمكن ان يتأخر عن غزوة اختيارا أو يحضر ولا يبلي فيها بلاء حسنا.
غزوة الحديبية أو صلح الحديبية [1] نأخذها من طبقات ابن سعد وسيرة ابن هشام والسيرة الحلبية وغيرها: خرج ص للعمرة لا يريد حربا يوم الاثنين غرة ذي القعدة سنة ست من الهجرة قال ابن سعد استنفر أصحابه إلى العمرة فأسرعوا وقال ابن هشام استنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي ليخرجوا معه وهو يخشى من قريش ان يحاربوه أو يصدوه عن البيت فأبطأ عليه كثير من الاعراب فخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار ودخل رسول الله ص فاغتسل ولبس ثوبين وركب راحلته القصواء ومعه ألف وستمائة أو ألف وأربعمائة أو ألف وخمسمائة وخمسة وعشرون واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم قال المفيد في الارشاد: وكان اللواء يومئذ إلى أمير المؤمنين علي ع كما كان إليه في المشاهد قبلها. ولم يخرج بسلاح إلى السيوف في القرب وساق سبعين بدنة هو وأصحابه فصلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بالبدن فجللت ثم أشعر عدة منها في الشق الأيمن من سنامها أي جرحها وقلدها أي علق في عنقها قطعة جلد أو نعلا بالية ليعلم انها هدي فيكف عنها وأشعر أصحابه أيضا وهن موجهات إلى القبلة وأحرم ولبى وقدم عباد بن بشر أمامه طليعة في عشرين فارسا من المهاجرين والأنصار وبلغ المشركين خروجه فاجمع رأيهم على صده وعسكروا ببلدح وقدموا مائتي فارس إلى كراع الغميم عليهم خالد بن الوليد. ودخل بسر بن سفيان الخزاعي الكعبي مكة فعرف ما يريدون وجاء حتى لقيه وراء عسفان فقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجوا معهم العوذ المطافيل [2] قد لبسوا جلود النمور [3] وقد نزلوا بذي طوى يعاهدون الله لا تدخلها عليهم ابدا وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم فقال ص يا ويح قريش قد اكلتهم الحرب ما ذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب فان هم أصابوني كان ذلك الذي أرادوا وان اظهرني الله عليهم دخلوا في الاسلام وافرين وان لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة فما تظن قريش فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره أو تنفرد هذه السالفة والسالفة صفحة العنق.
ودنا خالد حتى نظر إلى أصحاب رسول الله فامر ص عباد بن بشر فتقدم في خيله فقام بازائه وصف ص أصحابه وحانت صلاة الظهر فصلى ص بهم صلاة الخوف فلما امسى قال لأصحابه تيامنوا وأمرهم ان يسلكوا طريقا تخرجهم على مهبط الحديبية من أسفل مكة فسار في طريق وعرة حتى دنا من الحديبية وهي طرف الحرم على تسعة أميال من مكة إلى جهة الغرب من ناحية جدة فلما رأت خيل قريش غبار الجيش قد خالفوا عن طريقهم رجعوا راكضين إلى قريش ينذرونهم فخرجوا بأجمعهم حتى نزلوا مياه الحديبية فلما وقعت يدا راحلته ص على الثنية التي تهبط على القوم بركت فقال المسلمون حل حل يزجرونها فابت ان تنبعث فقالوا خلأت [4] القصواء فقال ص ما خلأت وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة اما والله لا يسألوني اليوم خطة فيها تعظيم حرمة الله وفي رواية فيها صلة الرحم الا أعطيتهم إياها ثم زجرها فقامت وانصرف عن القوم حتى نزل بالناس على ثمد من أثماد الحديبية وجاءه بديل بن ورقاء الخزاعي رئيس خزاعة في رجال من قومه وكانت خزاعة مسلمها وكافرها عيبة نصح رسول


[١] الحديبية في القاموس كدويهية (اي بالتخفيف) بئر قرب مكة " اه‌ " وفي المصباح انها بئر قرب مكة على طريق جدة دون مرحلة " اه‌ " وفي معجم البلدان هي قرية متوسطة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة التي بايع رسول الله " ص " تحتها - يعني بيعة الرضوان - وقال الخطابي سميت الحديبية بشجرة حدباء كانت في ذلك الموضع وبين الحديبية ومكة مرحلة وبينها وبين المدينة تسع مراحل " اه‌ ".
[٢] العوذ بالضم جمع عائذ وهي الحديثة النتائج من الظباء والإبل والخيل وكل أنثى فاعل بمعنى مفعول لأن ولدها يعوذ بها وقالوا عائذ لأنها عاطفة عليها كما قالوا تجارة رابحة وإن كانت مربوحا فيها لأنها في معنى نامية وزاكية وقيل هو على النسب مثل تأمر ولابن اي ذات عوذ ويقال لها عائذ إلى سبعة أيام أو عشرة أو خمسة عشر ثم هي مطفل والجمع مطافيل أي ذوات أطفال وفسرت العوذ المطافيل في حديث الحديبية بالنساء والصبيان تشبيها بالنوق الوالدة وفسرها الزمخشري في الفائق بالنوق الحديثات النتاج ذوات الأطفال ويأتي ذكر العوذ المطافيل في كلام بديل بن ورقاء الخزاعي والموجود في جميع الكتب التي رأيناها العوذ المطافيل بدون وأو سوى طبقات ابن سعد ففيها في كلام بديل العوذ والمطافيل والنساء والصبيان ولا يبعد كونه هو الصواب وما في غيره اشتباه حصل لواحد وتبعه الباقون إذ مقتضى كلام أهل اللغة كما سمعت ان العوذ غير المطافيل فالعوذ الوالدة إلى مدة وبعده تسمى مطافيل فالمناسب العطف المقتضي للمغايرة ثم إن تفسير العوذ المطافيل بالنساء والصبيان لا موجب له لامكان بقائها على معناها الأصلي كما يومي إليه ما مر عن الفائق بل رفت انه لا يبعد كون الصواب العوذ والمطافيل والنساء والصبيان كما مر عن الطبقات فالمراد ان معهم الجميع والغرض من ذكر ذلك انهم جاؤوا عازمين على الحرب جادين في ذلك فجاؤوا معهم بأموالهم ونسائهم وأولادهم ليكون ادعى لثباتهم وخص العوذ المطافيل بيان انهم جاؤوا بها ليشربوا ألبانها إذا طال عليهم المقام أو لأنها من أعز المال الذي يحامي عنه.
[٣] كناية عن شدة العداوة.
[٤] الخلاء للنوق كالألحاح للجمال والحران للدواب يقال خلأت الناقة والح الجمل وحرن الفرس كذا في النهاية.
- المؤلف -

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 263
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست