responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 260

البديهيات ورد المتواترات والمسلمات في الحديث الأول أنه حديث موضوع وكيف يكون قتل كافر أفضل من عبادة الثقلين الأنس والجن ومنهم الأنبياء بل أن عمرو بن عبد ود هذا لم يعرف له ذكر إلا في هذه الغزوة اه‌ وقال الذهبي في تلخيص المستدرك بعد نقل الحديث الثاني قبح الله رافضيا أ فتراه وأقول قبح الله ناصبيا يرد حديث رسول الله ص بالهوى والعداوة لأخيه وابن عمه ويزعم في ميزانه أن النصب قد ارتفع في عصره وليس عجيبا أن يتكلم الذهبي بذلك وهو تلميذ ابن تيمية. وفي السيرة الحلبية:
يرد قول ابن تيمية أنه لم يعرف له ذكر إلا في هذه الغزوة ما روي من أنه قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد أحدا فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه أقول روى ذلك الحاكم في المستدرك بسنده إلى ابن إسحاق قال: كان عمرو بن عبد ود ثالث قريش وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة ولم يشهد أحدا فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده، قال في السيرة الحلبية: ويرده أيضا ما مر من أنه نذر أن لا يمس رأسه دهنا حتى يقتل محمدا أقول ويرده أنه كان معروفا بفارس يليل اسم مكان كانت له فيه وقعة مشهورة وورد تسميته بذلك في شعر مسافع الآتي وفيما مر. وفيما رثي به عمرو مما يأتي ما يدل على نباهته وشجاعته وأنه ذو مقام عال في قريش قال واستدلاله بقوله وكيف يكون، فيه نظر لأن قتل هذا كان فيه نصرة للدين وخذلان للكافرين اه‌.
أقول: تأبى لابن تيمية حاله المعلومة إلا أن يصادم البديهة فان أقل نظرة يلقيها الإنسان على تلك الغزوة فيرى عشرة آلاف محاصرين للمدينة حنقين أشد الحنق على أهلها وهم دون الثلث بينهم عدد كثير من المنافقين وبنو قريظة إلى جنبهم يخافون منهم على ذراريهم ونسائهم وما أصاب المسلمين من الخوف والهلع الذي اضطر النبي ص أن يصانع غطفان بنصف ثمار المدينة وتعظيم الله تعالى ذلك في القرآن الكريم بقوله إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا ووقوف عمرو ينادي بالمسلمين ويقرعهم ويطلب البراز ولا يجيبه أحد إلا علي فيقتل عمرا وينهزم المشركون بقتله ويرتفع البلاء ويأتي الفرج. أقل نظرة يلقيها الإنسان على تلك الحال توصله إلى اليقين بان ضربة علي يومئذ أفضل من عبادة الجن والأنس والملائكة وملايين من العوالم أمثالهم لو كانت سواء أ جاء الحديث بذلك عن رسول الله ص أم لم يجئ ومتى احتاج النهار إلى دليل، ولولا تلك الضربة لما عبد الله بل عبدت الأوثان. وقد يسال سائل هنا فيقول: لما عبر عمرو والأربعة معه الخندق لما ذا لم يقم إليهم المسلمون فيقتلوهم وهم خمسة نفر والمسلمون ثلاثة آلاف والمشركون يصعب عليهم أنجادهم لوجود الخندق. والجواب أن المسلمين كان قد استولى عليهم الخوف والهلع وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وذهبت بهم الظنون وكان عبور المشركين من ثغرة الخندق غير مأمون ولذلك بدر علي قبل قتله عمرا إلى الثغرة مع جماعة فحماها وقد كادت نفوس الذين معه تطير جزعا كما مر ورجع بعد قتل عمرو فحماها أيضا. كل ذلك يدل على أن عبور الخندق كان محل الخوف والخطر وأن عليا وحده كان الثابت الجنان في هذه المواقف الرهيبة. قال المفيد في الارشاد وروى قيس بن الربيع ثنا أبو هارون العبدي عن ربيعة السعدي قال أتيت حذيفة بن اليمان فقلت له يا أبا عبد الله إنا لنتحدث عن علي ومناقبه فيقول لنا أهل البصرة أنكم تفرطون في علي فهل أنت محدثي بحديث فيه فقال حذيفة يا ربيعة وما تسألني عن علي فوالذي نفسي بيده لو وضع جميع أعمال أصحاب محمد ص في كفة الميزان منذ بعث الله محمدا ص إلى يوم القيامة ووضع عمل علي في الكفة الأخرى لرجح عمل علي على جميع أعمالهم، فقال ربيعة هذا الذي لا يقام له ولا يقعد ولا يحمل، فقال حذيفة: يا لكع وكيف لا يحمل وأين كان فلان وفلان وحذيفة وجميع أصحاب محمد ص يوم عمرو بن عبد ود وقد دعا إلى المبارزة فأحجم الناس كلهم ما خلا عليا فإنه برز إليه وقتله الله على يده والذي نفس حذيفة بيده لعمله ذلك أعظم أجرا من أعمال أصحاب محمد إلى يوم القيامة اه‌ قال الحاكم في المستدرك: ثم أقبل علي نحو رسول الله ص ووجهه يتهلل فقال عمر بن الخطاب هلا سلبته درعه فليس للعرب درع خير منها فقال ضربته فاتقاني بسوءته واستحييت ابن عمي أن استلبه اه‌ قال الرازي في تفسيره: انه ص قال لعلي بعد قتله لعمرو بن عبد ود كيف وجدت نفسك معه يا علي؟ قال وجدتها لو كان أهل المدينة كلهم في جانب وأنا في جانب لقدرت عليهم. قال المفيد:
وكان قتل علي ع عمرا ونوفلا سبب هزيمة المشركين وقال رسول الله ص بعد قتله هؤلاء النفر: الآن نغزوهم ولا يغزوننا وذلك قوله تعالى: ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا وفي الارشاد: وروى علي بن الحكيم الأودي قال سمعت أبا بكر بن عياش يقول: لقد ضرب علي ضربة ما كان في الاسلام أعز منها يعني ضربه عمرو بن عبد ود ولقد ضرب ع ضربة ما ضرب في الاسلام أشام منها يعني ضربة ابن ملجم وفيه روى أحمد بن عبد العزيز حدثنا سليمان بن أيوب عن أبي الحسن المدائني قال لما قتل علي بن أبي طالب عمرو بن عبد ود نعي إلى أخته واسمها عمرة وكنيتها أم كلثوم فقالت من ذا الذي اجترأ عليه؟ فقالوا ابن أبي طالب فقالت لم يعد موته إن كان على يد كفو كريم لا رقأت دمعتي إن هرقتها عليه قتل الأبطال وبارز الاقران وكانت منيته على يد كفو كريم من قومه ما سمعت بأفخر من هذا يا بني عامر ثم أنشأت تقول:
- لو كان قاتل عمرو غير قاتله * لكنت أبكي عليه آخر الأبد - - لكن قاتل عمرو لا يعاب به * من كان يدعى قديما بيضة البلد - وتتمة الأبيات:
- من هاشم ذراها وهي صاعدة * إلى السماء تميت الناس بالحسد - - قوم أبى الله إلا أن يكون لهم * كرامة الدين والدنيا بلا لدد - - يا أم كلثوم ابكيه ولا تدعي * بكاء معولة حرى على ولد - وقالت أيضا في قتل أخيها وذكر علي بن أبي طالب:
- أسدان في ضيق المكر تصاولا * وكلاهما كفو كريم باسل - - فتخالسا مهج النفوس كلاهما * وسط المذاد [1] مخاتل ومقاتل - - وكلاهما حضر القراع حفيظة * لم يثنه عن ذاك شغل شاغل - - فاذهب علي فما ظفرت بمثله * قول سديد ليس فيه تحامل - ذلت قريش بعد مهلك فارس * فالذل مهلكها وخزي شامل - ثم قالت والله لا تارث قريش بأخي ما حنت النيب قال وفي قتل عمرو بن عبد ود يقول حسان بن ثابت:
- امسى الفتى عمرو بن عبد يبتغي * بجنوب يثرب غارة لم تنظر -


[1] الثلاثة الأولون ارتدوا وماتوا على الردة والأشعث ارتد فأتي به إلى أبي بكر (رض) أسيرا فعاد إلى الاسلام وزوجه أخته وكانت عوراء فأولدها محمدا أحد قتلة الحسين عليه السلام.
- المؤلف -

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 260
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست