responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 258

الله ص وقالوا: عضل والقارة، أي كغدر عضل والقارة بأصحاب الرجيع، فقال ص الله أكبر أبشروا يا معسر المسلمين. وعظم عند ذلك البلاء واشتد الخوف وخيف على الذراري والنساء وأتاهم عدوهم من فوقهم ومن أسفل منهم حتى ظن المؤمنون كل الظن وخلص إلى كل امرئ منهم الكرب ونجم النفاق حتى قال بعض المنافقين: كان محمد يعدنا كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يامن على نفسه أن يذهب إلى الغائط.
وكانوا كما قال الله تعالى: إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا.
ثم أن نعيم بن مسعود من غطفان أتى رسول الله ص فقال إني أسلمت ولم يعلم قومي باسلامي فمرني بما شئت فقال ص له إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فان الحرب خدعة فخرج حتى أتى بني قريظة وكان لهم نديما في الجاهلية فقال قد عرفتم ودي إياكم قالوا صدقت لست عندنا بمتهم فقال إن قريشا وغطفان جاءوا لحرب محمد وقد ظاهرتموهم عليه وليسوا مثلكم، البلد بلدكم به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون على أن تتحولوا منه إلى غيره، أما هم فان رأوا فرصة وغنيمة أصابوها وإلا لحقوا ببلادهم وخلوا بينكم وبين الرجل ولا طاقة لكم به فلا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم، فقالوا لقد أشرت برأي ونصح. ثم خرج إلى أبي سفيان وأصحابه وقال: قد عرفتم ودي إياكم وفراقي محمدا وقد بلغني أمر رأيت حقا علي أن أبلغكموه نصحا لكم فاكتموا علي، قالوا نفعل، قال أن اليهود قد ندموا على ما صنعوا بينهم وبين محمد وأرسلوا إليه هل يرضيك عنا أن نأخذ من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فندفعهم إليك فتضرب أعناقهم ثم نكون معك قال نعم، فان بعث إليكم اليهود يطلبون رهنا من رجالكم فلا تدفعوا إليهم. ثم أتى غطفان فقال أنتم أصلي وعشيرتي وأحب الناس إلى ولا أراكم تتهموني قالوا صدقت قال فاكتموا علي قالوا نفعل ثم قال لهم مثلما قال لقريش فلما كانت ليلة السبت أرسل أبو سفيان ورؤوس غطفان إلى بني قريظة أن أعدوا للقتال حتى نناجز محمدا فقالوا اليوم السبت ولا نعمل فيه شيئا ولسنا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا من رجالكم فانا نخشى أن ضرستكم الحرب أن تشمروا إلى بلادكم وتتركونا والرجل ولا طاقة لنا به، فقالت قريش الذي حدثكم نعيم بن مسعود حق، فارسلوا إلى بني قريظة لا ندفع إليكم رجلا واحدا فان كنتم تريدون القتال فاخرجوا فقاتلوا. فقالت بنو قريظة ان الذي قال لكم نعيم بن مسعود لحق، فارسلوا إلى قريش وغطفان أنا لا نقاتل معكم حتى تعطونا رهنا وخذل الله بينهم.
فلما اشتد على الناس البلاء ورأى النبي ص ضعف قلوب أكثر المسلمين من حصارهم لهم ووهنهم في حربهم بعث إلى عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر وإلى الحارث بن عوف وهما قائدا غطفان فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا بمن معهما فجاءا مستخفيين من أبي سفيان وكتبوا كتاب الصلح ولم تقع الشهادة ولا عزيمة الصلح، فبعث ص إلى سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فأخبرهما، فقالا يا رسول الله أمر تحبه فنصنعه أم شئ أمرك الله به لا بد لنا منه أم شئ تصنعه لنا؟ فقال: بل شئ أصنعه لكم لأني رأيت العرب قد رموكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب فأردت أن أكسر عنكم من شوكتهم، فقال له سعد بن معاذ: قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك وعبادة الأوثان وهم لا يطمعون أن يأكلوا منا تمرة إلا قرى أو بيعا، أ فحين أكرمنا الله بالاسلام وأعزنا بك وبه نعطيهم أموالنا والله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم، قال ص فأنت وذاك، فتناول سعد بن معاذ الصحيفة فمحا ما فيها من الكتاب، فأقام رسول الله ص والمسلمون وعدوهم محاصرهم بضعا وعشرين ليلة وليس بينهم قتال إلا الترامي بالنبل والحجارة فرمى حبان بن العرقة سعد بن معاذ بسهم فأصاب أكحله وقال خذها وأنا ابن العرقة، فقال رسول الله ص، وقيل سعد: عرق الله وجهك في النار، وقال سعد: اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئا فابقني لها فإنه لا قوم أحب إلى أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه وأخرجوه وإن كنت قد وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة، وكان مع المشركين وحشي قاتل حمزة فزرق الطفيل بن النعمان فقتله:
وروى ابن هشام والطبري أن صفية بنت عبد المطلب كانت في فارع حصن حسان بن ثابت، قالت وكان حسان معنا فيه مع النساء والصبيان فمر بنا رجل من يهود فجعل يطيف بالحصن وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله ص وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، رسول الله والمسلمون في نحور عدوهم لا يستطيعون أن ينصرفوا إلينا إن أتانا آت، فقلت يا حسان أن هذا اليهودي كما ترى يطيف بالحصن وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا من ورائنا من يهود وقد شغل عنا رسول الله ص وأصحابه فأنزل إليه، فقال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب والله لو عرفت ما أنا بصاحب هذا وكان حسان جبانا، فلما لم أر عنده شيئا احتجزت وأخذت عمودا ونزلت إليه فضربته بالعمود حتى قتلته ورجعت فقلت لحسان: أنزل إليه فاسلبه فلم يمنعني من سلبه إلا أنه رجل، قال لي ما بسلبه من حاجة: وما أحق صفية الهاشمية بقول القائل:
- ولو أن النساء كمثل هذي * لفضلت النساء على الرجال - وجاء فوارس من قريش منهم عمرو بن عبد ود عكرمة بن أبي جهل ونوفل بن عبد الله بن المغيرة وهبيرة بن أبي وهب المخزوميان وضرار بن الخطاب الفهري فاقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق فلما تأملوه قالوا إن هذه لمكيدة ما كانت العرب تكيدها، فقيل لهم ان معه رجلا فارسيا أشار عليه بذلك فصاروا إلى مكان ضيق في الخندق كان قد أغفله المسلمون فضربوا خيولهم فاقتحمت منه فجالت بهم بين الخندق وسلع.
قال ابن هشام والطبري وغيرهما: وخرج علي بن أبي طالب ع في نفر معه من المسلمين حتى أخذ عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم وأقبلت الفرسان تعنق نحوهم قالا وقد كان عمرو بن عبد ود قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة فلم يشهد أحدا فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مكانه.
أقول: يظهر أنهم لما عبروا الخندق وتقدموا نحو معسكر المسلمين فجالت بهم خيلهم بين الخندق وجبل سلع الذي جعله النبي ص خلف ظهره بادر علي ع فرابط عند الثغرة التي اقحموا خيولهم منها ليمنع من يريد عبور الخندق من ذلك المكان فإنه لم يكن في الحسبان أن المشركين يعبرون الخندق فلما رأوهم عبروه على حين غفلة بادر علي بمن معه ليمنعوا

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 258
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست