responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 183

فراس بيتا لسيف الدولة فأعطاه ضيعة بمنبج تغل ألفي دينار. وجرى حوار بينه وبين المتنبي فاعجب سيف الدولة بقوله ووصله بخمسين دينارا من دنانير الصلات فيها خمسمائة دينار اه‌.
أقول وممن قصد حضرة سيف الدولة من مشاهير الشعراء الناشئ الأصغر علي بن عبد الله بن وصيف. قال ابن خلكان: كان قد قصد حضرة سيف الدولة ابن حمدان بحلب ولما عزم على مفارقته وقد غمره باحسانه كتب إليه يودعه:
- أودع لا اني أودع طائعا * وأعطي بكرهي الدهر ما كنت مانعا - الأبيات ومنهم الزاهي علي بن إسحاق البغدادي قال ابن خلكان عن عميد الدولة في طبقات الشعراء أكثر شعره في أهل البيت ومدح سيف الدولة، وسلامة بن الحسين الموصلي.
بنو ورقاء ومن أمراء الشيعة بالشام بنو ورقاء كانوا عربا صميمين من بني شيبان وكانوا شيعة وبينهم وبين الحمدانيين خلطة ومراسلة بالشعر لا سيما أبو فراس وهم مع بني حمدان عموما ممن لهم فضل عظيم على الأدب العربي.
قال الثعالبي في اليتيمة: لما جمع شعراء العصر من أهل الشام بين فصاحة البداوة وحلاوة الحضارة ورزقوا ملوكا وأمراء مثل آل حمدان وبني ورقاء بقية العرب والمشغوفون بالأدب والمشهورون بالمجد والكرم والجمع بين آداب السيف والقلم وما منهم إلا أديب جواد يحب الشعر وينقده ويثيب على الجيد منه فيجزل ويفضل انبعثت قرائحهم في الإجادة فقادوا محاسن الكلام بالين زمام وأحسنوا وأبدعوا ما شاءوا. وقال وأخبرني جماعة من أصحاب الصاحب بن عباد انه كان يعجب بطريقتهم المثل التي هي طريقة البحتري في الجزالة والعذوبة ويحرص على تحصيل الجدد من أشعارهم ويستمليها من الطارئين عليه من تلك البلاد حتى كسر دفترا ضخم الحجم عليها وكان لا يفارق مجلسه يحاضر بما فيه في مخاطباته ويحله أو يورده كما هو في رسائله اه‌.
وألفت نفائس الكتب العربية باسم امراء الشيعة ووزرائهم، فألف الصدوق عيون الاخبار باسم الصاحب بن عباد، وألف المرتضى الانتصار لعميد الجيوش أبي علي الحسن ابن أستاذ هرمز وزير بهاء الدولة الديلمي.
وفي الذريعة انه ألفه للأمير الوزير عميد الدين ولم نعثر على من لقبه عميد الدين من وزراء الشيعة في عصر المرتضي، وعميد الجيوش وإن لم يذكروا انه ولي الوزارة بل ظاهرهم انه كان رئيس الجيش إلا أنه يجري مجرى الوزراء ومع ذلك فهو بمنزلة وزير الحرب. وألف أبو إسحاق الصابي كتابه التاجي في اخبار آل بويه لعضد الدولة، وألف له أبو علي الفارسي كتاب الايضاح والتكملة في النحو، وألف أحمد بن فارس كتابه الصاحبي في فقه اللغة باسم الصاحب ابن عباد، وألف له القاضي علي بن عبد العزيز الجرجاني تهذيب التاريخ، وأنشأ الحريري المقامات باسم انوشروان بن خالد القاشاني وزير المسترشد العباسي، وألف الصغاني العباب من أهم كتب اللغة باسم الوزير ابن العلقمي وكذلك ابن أبي الحديد ألف شرح نهج البلاغة باسمه فاحسن جائزتهما. ونظم ابن الهبارية كتابه الصادح والباغم وأهداه للأمير سيف الدولة صدقة بن دبيس بن مزيد أمير الحلة فأعطاه ألف دينار، واهدى أبو الفرج الأصبهاني كتابه الأغاني إلى سيف الدولة بن حمدان فأعطاه ألف دينار كما مر، وألف الشيخ محمد بن علي الجرجاني غاية البادي في شرح المبادي للعلامة باسم النقيب عميد الدين عبد المطلب الحسيني من بني المختار وعليه أجزلوا العطايا لهؤلاء المؤلفين.
وكان العلماء المؤلفون في الدولة الإسلامية يهدون نسخة إلى خزانة الملك أو الأمير ويصدرون كتابهم باسمه فيجازون بالألف الدينار فيما فوقها أو دونها التي تعادل خمسمائة ليرة عثمانية ذهبا أو تزيد فيحصلون على ثروة تسهل لهم أمر التأليف والتصنيف. وقد وصلنا إلى زمان يصرف العام عمره في تاليف كتاب فاما ان يبقى كتابه في زوايا الإهمال تنسج عليه العناكب وتفسده الأرضة ويكون عاقبة امره الضياع واما ان يساعده الحظ والتوفيق فيطبع كتابه على نفقته ويبيعه فلا يحصل على بعض ما أنفقه إلا بشق الأنفس وإن كان الكتاب علميا فيجد المؤلف نفسه سعيدا إذا قبل العلماء المملقون مثله كتابه هدية وقرأوه وإن لم يجلدوه ولم يحفظوه وتركوه بين أيدي الصبيان يعبثون به وإما أن يتوسط لدى بعض بائعي الكتب ويقنعهم بان كتابه مرغوب فيه مطلوب فيطبعونه على نفقتهم ويصححه لهم حال الطبع لقاء دراهم لا تفي بقيمة ما أنفقه على الورق والحبر والأقلام أو مجانا وإذا لم ينفق الكتاب كان حظه منهم المقت:
- اتى الزمان بنوه في شبيبته * فسرهم وأتيناه على هرم - وأما في اللغة فأول من صنف فيها الخليل بن أحمد صنف كتاب العين وابن دريد صنف الجمهرة وابن فارس صنف المجمل وفقه اللغة والصاحب بن عباد صنف المحيط وابن السكيت صنف اصلاح المنطق الذي قال فيه المبرد ما عبر جسر بغداد كتاب في اللغة مثله. وكلها من الكتب الوحيدة في بابها. والشريف المرتضى له الأمالي المعروف بالغرر والدرر ذو الشهرة العظيمة خدم به الأدب العربي واللغة العربية خدمة جلى وأخوه الرضي له مجازات القرآن ومجازات الحديث شاهدان بفضله على اللغة العربية.
وأما في النحو والصرف اللذين عليهما مدار حفظ لغة العرب فأول من اخترع النحو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع وعلمه أبا الأسود فأتمه ونحا نحو ما علمه إياه أمير المؤمنين ثم برع فيه الخليل بن أحمد وأخذ عنه مشاهير علماء النحو والكسائي تلميذ الخليل الذي أنفق أربعين قنينة من الحبر فيما كتبه عن العرب في بواديهم، والفراء تلميذ الكسائي اعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي والذي قال فيه ثعلب لولا الفراء لما كانت عربية لأنه خلصها وضبطها ولولاه لسقطت. وكفى بها شهادة على خدمة الشيعة للأدب العربي واللغة العربية. وأبو عثمان المازني لم يكن اعلم منه بالنحو بعد سيبويه وله قصة مع الواثق مشهورة. وأبو العباس المبرد تلميذ المازني وكتابه الكامل اعدل شاهد على خدمته الجلي للأدب العربي واللغة العربية، وقطرب النحوي. وأول من أفرد الصرف عن النحو معاذ بن مسلم الهراء الكوفي وأول من صنف فيه المازني وشرح الرضي لكافية ابن الحاجب في النحو وشافيته في الصرف لم يصنف مثله قبله ولا بعده واستفادت منه الناس من عهده إلى اليوم وأبان فيه فلسفة اللغة العربية وأوضح عللها وهؤلاء الذين ذكرناهم كلهم شيعة فأنت ترى ان جل أعاظم علماء النحو والصرف الذين اقتدى الناس بعلمهم من الشيعة.

اسم الکتاب : أعيان الشيعة المؤلف : الأمين، السيد محسن    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست