اسم الکتاب : نافذة على الفلسفة المؤلف : الساعدي، صادق الجزء : 1 صفحة : 152
والسبب واضح وهو : أن الإنسان لا يتمثّل
وجوده ببدنه المادي الترابي فقط ، بل يوجد إلى جانبه موجود آخر لا مادي وهو الروح
التي تعتبر مركز إحساسنا والمحل الذي يتحقق فيه إدراكنا.
٢ ـ الأحلام المتمثلة بالأحداث التي
يَراها النائم في منامه والتي تجد مصداقيتها في عالم اليقظة بتفاصيلها وأرقامها
وجزئياتها ، لا يمكن أن تجد لها تفسيراً مادياً ما لم نفترض وجود شيءٍ لا مادي إلى
جانب البدن المادي ، له قدرة على العلم بالمستقبل ، وليس هو سوى الروح ، لأنّ
البدن لا يتسنى له الاطلاع إلا على الموارد التي تخضع لحواسه الخمس ، والموجودة في
الخارج بالفعل لا تلك التي توجد في المستقبل.
٣ ـ إن ذهننا وخلايانا المخية المحدودة
لا يمكنها استيعاب ما هو أكبر منها حجماً وأوسع منها مساحة ، كإدراكنا في رؤيتنا
لمنظر تتجاوز مساحته عشرات الكيلومترات ، بلا نقيصة في مساحتهِ ، فلابد وأن يكون
مركز إدراكنا هذا في محل آخر كي يصلح أن يكون ظرفاً لمظروفها المُدرَك ، وليس هو
إلا روحنا التي بين جنبينا.
وهكذا اتضح أن المدْرِك لحقائق الأشياء
، إنما هو الروح وهي غير البدن المادي ، فهي مجردة عنه وعن قوانين المادة.
ومما تقدم يتضح كذلك أنّ الصور المدْرَكة
مجرّدة عن المادة أيضاً ، بحكم كونها نتاجا للروح وإدراكها.
اسم الکتاب : نافذة على الفلسفة المؤلف : الساعدي، صادق الجزء : 1 صفحة : 152