اسم الکتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي المؤلف : علي بو محلم الجزء : 1 صفحة : 52
ومطلقا ، لا بحسب شيء
آخر. ومن البيّن ان كل خلق ، اذا نظر اليه مطلقا ، علم انه يتنقّل ويتغيّر ، ولو
بعسر ، وليس شيء من الاخلاق ممتنعا عن التغيّر والتنقّل ، فان الطفل الذي نفسه
تعدّ بالقوة ، ليس فيه شيء من الاخلاق بالفعل ، ولا من الصفات النفسانية. وبالجملة
، فان ما كان فيه بالقوة ففيه تهيّؤ لقبول الشيء وضدّه. ومهما اكتسب احد الضدين
يمكن زواله عن ذلك الضد المكتسب الى ضده ، الى ان تنقص البنية ويلحقه نوع من الفساد
، مثل ما يعرض لموضوع الاعدام والملكات ، فيتغير بحيث لا يتغالبان عليه. وذلك نوع من
الفساد وعدم التهيؤ. فاذا كان ذلك كذلك ، فليس شيء من الاخلاق ، اذا نظر اليه مطلقا
بالطبع ، لا يمكن فيه التغيّر والتبدّل [١].
واما افلاطون ، فانه ينظر في انواع
السياسات ، وايّها انفع ، وايّها اشد ضررا. فينظر في احوال قابلي السياسات
وفاعليها ، وايّها اسهل قبولا ، وايّها اعسر. ولعمري ان من نشأ على خلق من الاخلاق
واتفقت له تقويته ، يمكن بها من نفسه على خلق من الاخلاق ، فان زوال ذلك عنه يعسر جدا.
والعسر غير الممتنع. وليس ينكر ارسطو ان بعض الناس يمكن فيه التنقّل من خلق الى خلق
اسهل ، وفي بعضهم اعسر ، على ما صرح به في كتابه المعروف «بنيقوماخيا الصغير» ،
فانه عدّ اسباب عسر التنقل من خلق الى خلق ، واسباب السهولة ، كم
[١] يعلن الفارابي
هنا أخذه برأي أرسطو وهو أن الاخلاق وليدة التربية والتعليم وليس طباعاً فطرية.
ولكنه فيك كتاب «تحصيل السعادة» يقول ان الاخلاق بعضها مكتسب وبعضها طباع.
اسم الکتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي المؤلف : علي بو محلم الجزء : 1 صفحة : 52