اسم الکتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي المؤلف : علي بو محلم الجزء : 1 صفحة : 40
وينبغي ان تعلم ان مثل ذلك مثل الدرج
الذي يدرج عليه ، وينزل منه : فان المسافة واحدة وبين السالكين خلاف. وذلك ان ارسطوطاليس
، لما رأى ان اقرب الطرق واوثقها في توفية الحدود ، هو بطلب ما يخص الشيء وما يعمه
[١] ، مما هي ذاتية له وجوهرية
، وسائر ما ذكره في «الحرف» الذي يتكلم فيه على توفية الحدود ، من كتبه فيما «بعد الطبيعة»
، وكذلك في كتاب «البرهان» ، وفي كتاب «الجدل» ، وفي غير ذلك
من المواضع ، مما يطول ذكره؛ واكثر كلامه لم يخل من قسمة ما ، وان كان غير مصرح
بها ، فانه حين يفرق بين العاميّ والخاصّ ، وبين الذاتي وغير الذاتي ، فهو سالك ، بطبيعته
وذهنه وفكره ، طريق القسمة ، وانما يصرح ببعض اطرافها. ولا جل ذلك لم يطرح طريق القسمة
رأسا ، لكنه يعدّه من التعاون على اقتضاء اجزاء المحدود. والدليل على ذلك ، قوله ،
في كتاب «القياس» ، في آخر المقالة الاولى : «فاما القسمة التي تكون بالاجناس جزء صغير
من هذا المأخذ ، فانه سهل ان يعرف» ، وسائر ما يتلوه. وهو لم يعد المعاني التي يرى
افلاطون استعمالها ، حين يقصد الى اعمّ ما يجده مما يشتمل على الشيء المقصود
تحديده ، فيقسمه بفصلين ذاتيين ، ثم يقسم
[١] نحصل علي حد
الشيء عند ارسطو بذكر جنسه وفصله ، فالجنس هو ما يعم الشيء والفصل هو ما يخصه ،
كقولنا : الانسان حيوان ناطق. أما عند افلاطون فنحصل علي الحد بالقسمة الثنائية
كأن نقول : الموجودات اما جماد واما حيوان والحيوان اما ناطق واما غير ناطق ،
والناطق هو الانسان.
اسم الکتاب : كتاب الجمع بين رأيي الحكيمين لأبي نصر الفارابي المؤلف : علي بو محلم الجزء : 1 صفحة : 40