اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 9
نسترقيها ، ودواء
نتداوى به ، وتقاة نتقيها ، هل ترد من قدر الله شيئا؟ فقال : هي من قدر الله » [١].
فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب
والمسببات ، وإبطال قول من أنكرها.
ويجوز أن يكون قوله : « لكل داء دواء »
، على عمومه : حتى يتناول الأدواء القاتلة ، والأدواء التي لا يمكن طبيبا أن
يبرئها. ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدوية تبرئها ، ولكن طوى علمها عن البشر ، ولم
يجعل لهم إليه سبيلا. لأنه لا علم للخلق إلا ما علمهم الله. ولهذا علق النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الشفاء ، على
مصادفة الدواء للداء. فإنه لا شئ من المخلوقات إلا له ضد ، فكل [٢] داء له ضد من الدواء : يعالج بضده. فعلق
ـ النبي صلىاللهعليهوسلم
ـ البرء ، بموافقة الداء للدواء. وهذا قدر زائد على مجرد وجوده. فإن الدواء متى
جاوز درجة الداء في الكيفية ، أو زاد في الكمية على ما ينبغي ـ : نقله إلى داء آخر.
ومتى قصر عنها : لم يف بمقاومته ، وكان العلاج قاصرا. ومتى لم يقع المداوى على
الدواء : لم يحصل الشفاء. ومتى لم يكن الزمان صالحا لذلك الدواء : لم ينفع. ومتى
كان البدن غير قابل له [٣]
، أو القوة عاجزة عن حمله ، أو ثم مانع يمنع من تأثيره ـ : لم يحصل البرء ، لعدم
المصادفة. ومتى تمت المصادفة : حصل البرء ولابد. وهذا أحسن المحملين في الحديث.
والثاني : أن يكون من العام المراد به
الخاص ، لا سيما والداخل في اللفظ أضعاف [٤]
الخارج منه. وهذا يستعمل في كل لسان. ويكون المراد : أن الله لم يضع داء يقبل
[١] السنن المذكورة
هي سنن الترمذي. وقد أخرج الحديث أيضا : ابن ماجة ، والحاكم في صحيحه. وقال
الترمذي : حسن صحيح. اه ق. وانظر : الدرة البهية للسعدي وهامشها (ص ٣٤ و ٧٢).