اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 77
ذلك ، ولا يضرهم : لبرودة
أجوافهم ، وخروج الحرارة إلى ظاهر الجسد. كما تشاهد مياه الآبار : تبرد في الصيف ،
وتسخن في الشتاء. وكذلك تنضج المعدة من الأغذية الغليظة ، في الشتاء ، مالا تنضجه
في الصيف.
وأما أهل المدينة : فالتمر لهم يكاد أن
يكون بمنزلة الحنطة لغيرهم ، وهو قوتهم ومادتهم. وتمر العالية من أجود أصناف تمرهم
: فإنه متين الجسم ، لذيذ الطعم ، صادق الحلاوة.
والتمر يدخل في الأغذية والأدوية والفاكهة
، وهو يوافق أكثر الأبدان ، مقو للحار الغريزي. ولا يتولد عنه من الفضلات الرديئة
، ما يتولد عن غيره من الأغذية والفاكهة ، بل يمنع لمن اعتاده ، من تعفن الاخلاط
وفسادها.
وهذا الحديث من الخطاب الذي أريد به
الخاص : كأهل المدينة ومن جاورهم. ولا ريب أن للأمكنة اختصاصا ينفع كثير [١] من الأدوية في ذلك المكان دون غيره ، فيكون
الدواء الذي قد نبت في هذا المكان نافعا من الداء ، ولا يوجد فيه ذلك النفع : إذا
نبت في مكان غيره ، لتأثير نفس التربة ، أو الهواء ، أو هما جميعا. فإن للأرض خواص
وطبائع يقارب اختلافها اختلاف طبائع الانسان. وكثير من النبات يكون في بعض البلاد غذاء
مأكولا ، وفى بعضها سما قاتلا. ورب أدوية لقوم أغذية لآخرين ، وأدوية لقوم من
أمراض هي أدوية لآخرين في أمراض سواها ، وأدوية لأهل بلاد [٢] لا تناسب غيرهم ولا تنفعهم.
وأما خاصية السبع ، فإنها قد وقعت قدرا
وشرعا. فخلق الله عز وجل السماوات سبعا ، والأرضين سبعا ، والأيام سبعا ، والانسان
كمل خلقه في سبعة أطوار. وشرع الله لعباده الطواف سبعا ، والسعي بين الصفا والمروة
سبعا ، ورمى الجمار [٣]
سبعا سبعا ، وتكبيرات العيدين سبعا في الأولى. وقال صلىاللهعليهوسلم
: « مروه بالصلاة لسبع ». وإذا صار للغلام سبع