اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 71
رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « لا تكرهوا
مرضاكم على الطعام والشراب ، فإن الله عز وجل يطعمهم ويسقيهم [١] ».
قال بعض فضلاء الأطباء : ما أغزر فوائد
هذه الكلمة النبوية ، المشتملة على حكم إلهية ، لا سيما للأطباء ولمن يعالج المرضى.
وذلك : أن المريض إذا عاف الطعام أو الشراب ، فذلك : لاشتغال الطبيعة بمجاهدة
المرض ، أو لسقوط شهوته أو نقصانها : لضعف الحرارة. الغريزية ، أو خمودها. وكيفما
كان : فلا يجوز حينئذ إعطاء الغذاء في هذه الحالة.
واعلم أن الجوع إنما هو : طلب الأعضاء
للغذاء ، لتخلف الطبيعة به عليها ، عوض ما يتحلل منها ، فتجذب الأعضاء القصوى من
الأعضاء الدنيا ، حتى ينتهى الجذب إلى المعدة ، فيحس الانسان بالجوع ، فيطلب
الغذاء. وإذا وجد المرض : اشتغلت الطبيعة بمادته وإنضاجها وإخراجها ، عن طلب
الغذاء أو الشراب. فإذا أكره المريض على استعمال شئ من ذلك : تعطلت به الطبيعة عن
فعلها ، واشتغلت بهضمه وتدبيره عن إنضاج مادة المرض ودفعه. فيكون ذلك سببا لضرر
المريض ، ولا سيما في أوقات البحارين [٢]
، أو ضعف الحار الغريزي ، أو خموده. فيكون ذلك زيادة في البلية ، وتعجيل النازلة المتوقعة.
ولا ينبغي أن يستعمل في هذا الوقت والحال ، إلا ما يحفظ عليه قوته ويقويها ، من
غير استعمال مزعج للطبيعة البتة. وذلك يكون بما لطف قوامه : من الأشربة والأغذية. واعتدال
مزاجه : كشراب اللينوفر [٣]
والتفاح والورد الطري ، وما أشبه ذلك. ومن الأغذية : أمراق الفراريج المعتدلة
المطيبة [٤]
فقط. وإنعاش قواه : بالاراييج [٥]
العطرة
[١] وأخرجه أيضا :
الحاكم. اه ق. ومعظم الأمراض يصحبها عدم رغبة المريض للطعام. وإطعام المريض قصدا
في هذه الحالة ، يعود عليه بالضرر : لعدم قيام الجهاز الهضمي بعمله كما يجب ، مما
يتبعه عسر هضم ، وسوء حالة المريض. وكل مريض له غذاء معين له ، وغالبا ما يكون
غذاء قليلا سهل الهضم. ومن دلائل شفاء المريض : عودته إلى سابق رغبته في الطعام. ف
« لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب » اه د.
[٢] جمع « بحران » بضم فسكون.
وهو : حال من أحوال الأمراض إذا اشتدت!!. اه ق.
[٣] في التذكرة :
الأشهر فيه تقديم النون. وقال فيه : « فارسي معناه ذو الأجنحة. وهو : نبت مائي له
أصل كالجزر ، وساق أملس ، يطول سجفه! عمق الماء ، فإذا ساوى سطحه أورق وأزهر. إلى
أن قال : وهو يعرف بمصر بعرائس النبل. اه ق.