اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 39
أو صفراوية ، أو
بلغمية ، أو سوداوية. فإن كانت دموية : فشفاؤها إخراج الدم. وإن كانت من الأقسام
الثلاثة الباقية : فشفاؤها بالاسهال الذي يليق بكل خلط منها. وكأنه صلىاللهعليهوسلم : نبه بالعسل على
المسهلات ، وبالحجامة على الفصد. وقد قال بعض الناس : إن الفصد يدخل في قوله : شرطة
محجم ، فإذا أعيا الدواء : فآخر الطب الكي. فذكره ـ صلىاللهعليهوسلم
ـ من [١] الأدوية : لأنه
يستعمل عند غلبة الطباع لقوى الأدوية ، وحيث لا ينفع الدواء المشروب. وقوله : أنا
أنهى أمتي عن الكي ، وفى الحديث الآخر : وما أحب أن أكتوي [٢]. إشارة إلى أن يؤخر العلاج به : حتى
تدفع الضرورة إليه ، ولا يعجل التداوي به ، لما فيه : من استعجال الألم الشديد في
دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكي ». انتهى كلامه.
وقال بعض الأطباء : الأمراض المزاجية
إما أن تكون بمادة أو بغير مادة ، والمادية منها : إما حارة ، أو باردة ، أو رطبة
، أو يابسة ، أو ما تركب منها. وهذه الكيفيات الأربع منها كيفيتان فاعلتان ـ وهما
: الحرارة والبرودة. ـ وكيفيتان منفعلتان ، وهما : الرطوبة واليبوسة. ويلزم من
غلبة إحدى الكيفيتين [٣]
الفاعلتين ، استصحاب كيفية منفعلة معها. وكذلك كان لكل واحد من الاخلاط الموجودة
في البدن وسائر المركبات ، كيفيتان : فاعلة ومنفعلة.
فحصل من ذلك : أن أصل الأمراض المزاجية
، هي التابعة لاقوى كيفيات الاخلاط ، التي هي : الحرارة والبرودة. فجاء [٤] كلام النبوة في أصل معالجة الأمراض ـ التي
هي الحارة والباردة ـ على طريق التمثيل. فإن كان المرض حارا : عالجناه بإخراج الدم
: بالفصد كان ، أو بالحجامة. لان في ذلك استفراغا للمادة ، وتبريدا للمزاج [٥]. وإن كان باردا :