اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 325
السليمة ، بطريق
القياس والتنبيه والايماء ، كما هو في كثير من مسائل فروع الفقه. ولا تكن ممن إذا
جهل شيئا عاداه.
ولو رزق العبد تضلعا من كتاب الله وسنة
رسوله ، وفهما تاما في النصوص ولوازمها ـ : لاستغني بذلك عن كل كلام سواه ، ولاستنبط
جميع العلوم الصحيحة منه.
فمدار العلوم كلها على معرفة الله وأمره
وخلقه. وذلك مسلم إلى الرسل صلوات الله عليهم وسلامه : فهم أعلم الخلق بالله وأمره
وخلقه ، وحكمته في خلقه وأمره.
وطب أتباعهم أصح وأنفع من طب غيرهم. وطب
أتباع خاتمهم وسيدهم وإمامهم ـ : محمد بن عبد الله ، صلوات الله وسلامه عليه
وعليهم. ـ أكمل الطب وأصحه وأنفعه.
ولا يعرف هذا إلا من عرف طب الناس سواهم
وطبهم ، ثم قارن [١]
بينهما. فحينئذ : يظهر له التفاوت. وهم أصح الأمم عقولا وفطرا ، وأعظمهم علما ، وأقربهم
في كل شئ إلى الحق. لانهم خيرة الله في الأمم ، كما رسولهم خيرته من الرسل. والعلم
الذي وهبهم إياه ، والحلم والحكمة ـ أمر لا يدانيهم فيه غيرهم.
وقد روى الإمام أحمد في مسنده ـ من حديث
بهز بن حكيم ، عن أبيه عن جده رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « أنتم توفون [٢] سبعين أمة ، أنتم خيرها وأكرمها على
الله ».
فظهر أثر كرامتها على الله سبحانه : في
علومهم وعقولهم ، وأحلامهم وفطرهم. وهم الذين عرضت عليهم علوم الأمم قبلهم وعقولهم
، وأعمالهم ودرجاتهم ـ فازدادوا بذلك علما وحلما وعقولا ، إلى ما أفاض الله سبحانه
(وتعالى) [٣]
عليهم : من علمه وحلمه.
ولذلك كانت الطبيعة الدموية لهم ، والصفراوية
لليهود ، والبلغمية للنصارى.