اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 190
اليسار : فإنه
مستقره ، فيحصل بذلك الدعة التامة ، فيستغرق الانسان في نومه ويستثقل : فيفوته
مصالح دينه ودنياه.
ولما كان النائم بمنزلة الميت ، والنوم
أخو الموت ـ ولهذا يستحيل على الحي الذي لا يموت ( سبحانه ) [١] وأهل الجنة لا ينامون فيها ـ ( و ) كان
النائم محتاجا إلى من يحرس نفسه ويحفظها مما يعرض لها من الآفات ، ويحرس بدنه أيضا
من طوارق الآفات ، وكان ربه وفاطره تعالى هو المتولى لذلك وحده ـ : علم النبي صلىاللهعليهوسلم النائم ، أن يقول
كلمات التفويض والالتجاء والرغبة والرهبة : ليستدعى بها كمال حفظ الله له وحراسته
لنفسه وبدنه ، وأرشده [٢]
مع ذلك إلى أن يستذكر الايمان وينام عليه ، ويجعل التكلم به آخر كلامه. فإنه ربما توفاه
الله في منامه ، فإذا كان الايمان آخر كلامه : دخل الجنة.
فتضمن هذا الهدى في المنام ، مصالح
القلب والبدن والروح : في النوم واليقظة ، والدنيا والآخرة. فصلوات الله وسلامه
على من نالت به أمته كل خير.
وقوله : « أسلمت نفسي إليك » ، أي : جعلتها
مسلمة لك تسليم العبد المملوك نفسه إلى سيده ومالكه.
وتوجيه وجهه إليه : يتضمن إقباله
بالكلية على ربه ، وإخلاص القصد والإرادة له ، وإقراره بالخضوع والذل والانقياد.
قال تعالى : (فإن حاجوك فقل : أسلمت
وجهي لله ومن اتبعن). وذكر الوجه : إذ هو أشرف ما في
الانسان ، ومجمع الحواس. وأيضا : ففيه معنى التوجه والقصد ، من قوله :
* رب العباد إليه الوجه والعمل *
وتفويض الامر إليه : رده إلى الله
سبحانه. وذلك يوجب سكون القلب وطمأنينته ، والرضا بما يقضيه ويختاره له : مما يحبه
ويرضاه. والتفويض من أشرف مقامات العبودية ، ولا علة فيه ، وهو من مقامات الخاصة.
خلافا لزاعمي خلاف ذلك.
وإلجاء الظهر إليه سبحانه ، يتضمن قوة
الاعتماد عليه ، والثقة ( به ) [٣]
، والسكون
[١] هذه الزيادة
جيدة ، والآتية متعينة. ولم تردا في الزاد أيضا. وجواب « لما » قوله : علم. فتنبه.