اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 187
الراحة. وهو نوعان :
طبيعي ، وغير طبيعي. فالطبيعي : إمساك القوى النفسانية على أفعالها ، وهى قوى الحس
والحركة الإرادية. ومتى أمسكت هذه القوى عن تحريك البدن : استرخى ، واجتمعت
الرطوبات والأبخرة التي كانت تتحلل وتتفرق بالحركات واليقظة في الدماغ الذي هو
مبدأ هذه القوى ، فيتخدر ويسترخى. وذلك النوم الطبيعي. وأما النوم غير الطبيعي ، فيكون
لعرض أو مرض. وذلك : بأن تستولى الرطوبات على الدماغ استيلاء لا تقدر اليقظة على
تفريقها ، أو تصعد أبخرة رطبة كثيرة ـ كما يكون عقيب الامتلاء من الطعام والشراب ـ
فتثقل الدماغ وترخيه ، فيتخدر ويقع إمساك القوى النفسانية عن أفعالها ، فيكون
النوم.
وللنوم فائدتان جليلتان : ( إحداهما ) [١] : سكون الجوارح وراحتها مما يعرض لها
من التعب ، فيريح [٢]
الحواس من نصب اليقظة ، ويزيل الاعياء والكلال. ( والثانية ) : هضم الغذاء ، ونضج
الاخلاط. لان الحرارة الغريزية ـ في وقت النوم ـ تفور إلى باطن البدن ، فتعين على
ذلك. ولهذا يبرد ظاهره ، ويحتاج النائم إلى فضل دثار.
وأنفع النوم : أن ينام على الشق الأيمن
ـ : ليستقر الطعام بهذه الهيئة في المعدة ، استقرارا حسنا. فإن المعدة أميل إلى
الجانب الأيسر قليلا. ـ ثم يتحول إلى الشق الأيسر قليلا : ليسرع الهضم بذلك
لاستمالة [٣]
المعدة على الكبد ، ثم يستقر نومه على الجانب الأيمن : ليكون الغذاء أسرع انحدارا
عن [٤] المعدة.
فيكون النوم على الجانب الأيمن بداءة نومه ونهايته. وكثرة النوم على الجانب الأيسر
مضر بالقلب ، بسبب ميل الأعضاء إليه : فتنصب إليه المواد.
وأردأ النوم : النوم على الظهر. ولا يضر
الاستلقاء عليه للراحة من غير نوم.
[١] هذا هو المناسب.
وبالأصل : والزاد ١٤٣ : أحدهما.