اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 177
إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، البارد الحلو.
والماء الفاتر ينفخ ويفعل ضد هذه الأشياء.
ولما كان الماء البائت أنفع من الذي
يشرب وقت استقائه ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم
ـ وقد دخل إلى حائط أبى الهيثم بن التيهان ـ : « هل من ماء بات في شنه؟ » فأتاه به ، فشرب
منه [١]. رواه
البخاري. ولفظه : « إن كان عندكم ماء بات في شنه [٢] ، وإلا كرعنا ».
والماء البائت بمنزلة العجين الخمير ، والذي
شرب لوقته بمنزلة الفطير. وأيضا : فإن الاجزاء الترابية والأرضية تفارقه إذا بات ،
وقد ذكر : أن النبي صلىاللهعليهوسلم
كان يستعذب له الماء ، ويختار البائت منه. وقالت عائشة : « كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يستقى له الماء
العذب من بئر السقيا ».
والماء الذي في القرب والشنان ، ألذ من
الذي يكون في آنية الفخار والأحجار وغيرهما ، ولا سيما أسقية الأدم. ولهذا التمس
النبي صلىاللهعليهوسلم
ماء بات في شنه ، دون غيرها من الأواني. وفى الماء ـ إذا وضع في الشنان وقرب الأدم
ـ خاصة لطيفة ، لما فيها : من المسام المنفتحة يرشح منها الماء. ولهذا : الماء
الذي [٣] في الفخار
الذي يرشح ، ألذ منه وأبرد في الذي لا يرشح فصلوات الله وسلامه على أكمل الخلق ، وأشرفهم
نفسا ، وأفضلهم هديا في كل شئ لقد دل أمته على أفضل الأمور وأنفعها لهم : في
القلوب والابدان ، في الدنيا والآخرة.
قالت عائشة رضي الله عنها [٤] : « كان أحب الشراب إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، الحلو البارد ». وهذا
يحتمل : أن يريد به الماء العذب : كمياه العيون والآبار الحلوة. فإنه ( كان ) [٥] يستعذب له الماء. ويحتمل : أن يريد به
الماء الممزوج بالعسل ، أو الذي نقع فيه التمر أو الزبيب. وقد يقال ـ وهو الاظهر ـ
: يعمهما جميعا.
وقوله في الحديث الصحيح : « إن كان عندك
ماء بات في شن ، وإلا كرعنا » ، فيه
[١] وأخرجه أيضا أبو
داود وابن ماجة وأحمد عن جابر. اه ق.
[٢] بالزاد والفتح
الكبير (١ / ٢٦٨) : شن. وفى الفتح زيادة : فاسقنا.