اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 170
في حفظ الصحة. فمتى
أكل الانسان ما تعافه نفسه ولا تشتهيه [١]
: كان تضرره به أكثر من انتفاعه.
قال أنس : « ما عاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم طعاما قط ، إن
اشتهاه : أكله ، وإلا : تركه ولم يأكل منه ». ولما قدم إليه الضب المشوى : لم يأكل
منه ، فقيل له : أهو حرام؟ قال : « لا ، ولكن : لم يكن بأرض قومي ، فاجدنى أعافه ».
فراعى عادته وشهوته ، فلما لم يكن يعتاد أكله بأرضه ، وكانت نفسه لا تشتهيه ـ : أمسك
عنه ، ولم يمنع من أكله من يشتهيه ، ومن عادته أكله.
وكان يحب اللحم ، وأحبه إليه : الذراع
ومقدم الشاة. ولذلك سم فيه.
وفى الصحيحين : « أتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلحم ، فرفع إليه
الذراع ، وكانت تعجبه ». وذكر أبو عبيد وغيره ، عن ضباعة بنت الزبير ـ : « أنها
ذبحت في بيتها شاة ، فأرسل إليها رسول الله صلىاللهعليهوسلم
: أن أطعمينا من شاتكم. فقالت للرسول : ما بقى عندنا إلا الرقبة [٢] ، وإني لاستحى أن أرسل بها إلى رسول
الله صلىاللهعليهوسلم.
فرجع الرسول فأخبره ، فقال : ارجع إليها ، فقل لها : أرسلي بها ، فإنها هادية
الشاة وأقرب إلى الخير ، وأبعدها من الأذى ».
ولا ريب أن أخف لحم الشاة : لحم الرقبة
، ولحم الذراع والعضد. وهو أخف على المعدة ، وأسرع انهضاما. وفى هذا مراعاة
الأغذية التي تجمع ثلاثة أوصاف : ( الأول ) [٣]
: كثرة نفعها وتأثيرها في القوى. ( الثاني ) : خفتها على المعدة ، وعدم ثقلها
عليها. ( الثالث ) : سرعة هضمها. وهذا أفضل ما يكون من الغذاء. والتغذي باليسير من
هذا ، أنفع من الكثير من غيره.