اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 166
العام ، ما يناسب
الشيطان بمادته وفعله ـ : كان للشيطان [١]
إعانة عليه ، وتنفيذا له ، وكانت النار تطلب بطبعها العلو والفساد. ( و ) [٢] هذان الأمران ـ وهما : العلو في الأرض ،
والفساد. ـ هما هدى الشيطان ، وإليهما يدعو ، وبهما يهلك بني آدم. فالنار والشيطان
كل منهما يربد العلو في الأرض والفساد. وكبرياء الرب عز وجل تقمع الشيطان وفعله.
ولهذا كان تكبير الله عز وجل ، له أثر
في إطفاء الحريق. فإن كبرياء الله عز وجل لا يقوم لها شئ ، فإذا [٣] كبر المسلم ربه : أثر تكبيره في خمود
النار وخمود الشيطان التي هي مادته ، فيطفئ الحريق. وقد جربنا نحن وغيرنا هذا ، فوجدناه
كذلك. والله أعلم.
فصل في هديه صلىاللهعليهوسلم
في حفظ الصحة
لما كان اعتدال البدن وصحته وبقاؤه ، إنما
هو بواسطة الرطوبة المقاومة للحرارة ـ : فالرطوبة مادته ، والحرارة تنضجها وتدفع
فضلاتها ، وتصلحها وتلطفها. وإلا : أفسدت البدن ولم يمكن قيامه. وكذلك الرطوبة : هي
غذاء الحرارة ، فلولا الرطوبة : لأحرقت البدن وأيبسته وأفسدته. فقوام كل واحدة
منهما بصاحبتها ، وقوام البدن بهما جميعا. وكل منهما مادة للأخرى ، فالحرارة مادة
للرطوبة : تحفظها وتمنعها من الفساد والاستحالة ، والرطوبة مادة للحرارة : تغذوها
وتحملها. ومتى مالت إحداهما إلى الزيادة على الأخرى : حصل لمزاج البدن الانحراف ، بحسب
ذلك. فالحرارة دائما تحلل الرطوبة ، فيحتاج البدن إلى ما به يخلف عليه ما حللته
الحرارة ـ ضرورة بقائه ـ وهو : الطعام والشراب. ومتى زاد على مقدار التحلل : ضعفت
الحرارة عن تحليل فضلاته ، فاستحالت مواد رديئة : فعاثت في البدن وأفسدت ، فحصلت
الأمراض المتنوعة بحسب تنوع موادها ، وقبول الأعضاء واستعدادها.
[١] كذا بالزاد. أي
كان الحريق إعانة للشيطان على الفساد. وفى الأصل : الشيطان. وهو تحريف.