اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 138
فنذكر له الذي كان ،
فننظر ما يأمرنا. فقدموا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم
، فذكروا له ذلك. فقال : وما يدريك أنها رقية. ثم قال : قد أصبتم ، اقتسموا
واضربوا لي معكم سهما [١]
». وقد روى ابن ماجة في سننه ، من حديث على ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : « خير الدواء
القرآن ».
ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواص
ومنافع مجربة ، فما الظن بكلام رب العالمين : الذي فضله على كل كلام كفضل الله على
خلقه ، الذي هو الشفاء التام ، والعصمة النافعة ، والنور الهادي ، والرحمة العامة
، الذي لو أنزل على جبل لتصدع من عظمته وجلالته. قال تعالى : (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين). و « من » ههنا لبيان الجنس ،
لا للتبعيض. هذا أصح القولين. كقوله تعالى : (وعد الله
الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما). وكلهم من
الذين آمنوا وعملوا الصالحات؟. فما الظن بفاتحة الكتاب : التي لم ينزل في القرآن
ولا في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور مثلها ، المتضمنة لجميع معاني كتب
الله ، المشتملة على ذكر أصول أسماء الرب ومجامعها ، وهى : الله والرب والرحمن
والرحيم [٢]
، وإثبات المعاد ، وذكر التوحيدين : توحيد الربوبية ، وتوحيد الإلهية ، وذكر
الافتقار إلى الرب سبحانه في طلب الإعانة ، وطلب الهداية ، وتخصيصه سبحانه بذلك ، وذكر
أفضل الدعاء على الاطلاق وأنفعه وأفرضه ، وما العباد أحوج شئ إليه ، وهو : الهداية
إلى صراطه المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته ، بفعل ما أمر به ، واجتناب
ما نهى عنه ، والاستقامة عليه إلى الممات. ويتضمن ذكر أصناف الخلائق وانقسامهم إلى
منعم عليه : بمعرفته [٣]
الحق والعمل به ومحبته وإيثاره ، ومغضوب عليه : بعدوله عن الحق بعد معرفته له ، وضال
: بعدم معرفته له. وهؤلاء أقسام الخليقة. مع تضمنها لاثبات القدر والشرع ، والأسماء
والصفات ، والمعاد والنبوات ، وتزكية النفوس ، وإصلاح القلوب ، وذكر عدل الله
وإحسانه ، والرد على جميع أهل البدع والباطل