اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 131
والشريعة. بل
التأثير يكون تارة بالاتصال ، وتارة بالمقابلة ، وتارة بالرؤية ، وتارة بتوجه الروح
نحو من يؤثر فيه ، وتارة بالأدعية والرقى والتعوذات ، وتارة بالوهم والتخيل.
ونفس العائن لا يتوقف تأثيرها على
الرؤية ، بل قد يكون أعمى ، فيوصف له الشئ فتؤثر نفسه فيه وإن لم يره. وكثير من
العائنين يؤثر في المعين بالوصف من غير رؤية. وقد قال تعالى لنبيه : (وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما
سمعوا الذكر) ، وقال : (قل أعوذ
برب الفلق ، من شر ما خلق ، ومن شر غاسق إذا وقب ، ومن شر) النفاثات في
العقد ، ومن شر حاسد إذا حسد). فكل عائن حاسد ، وليس كل حاسد عائنا. فلما كان
الحاسد أعم من العائن : كانت الاستعاذة منه استعاذة من العائن. وهى : سهام تخرج من
نفس الحاسد والعائن ، نحو المحسود والمعين ، تصيبه تارة وتخطئه تارة. فإن صادفته
مكشوفا لا وقاية عليه : أثرت فيه ولا بد ، وإن صادفته حذرا شاكي السلاح ، لا منفذ
فيه للسهام ـ : لم تؤثر فيه ، وربما ردت السهام على صاحبها. وهذا بمثابة الرمي الحسى
سواء. فهذا من النفوس والأرواح ، وذاك من الأجسام والأشباح. وأصله من إعجاب العائن
بالشئ ، ثم يتبعه [١]
كيفية نفسه الخبيثة ، ثم تستعين على تنفيذ سمها بنظرة إلى المعين.
وقد يعين الرجل نفسه ، وقد يعين بغير
إرادته ، بل بطبعه. وهذا أردأ ما يكون من النوع الإنساني. وقد قال أصحابنا وغيرهم
من الفقهاء : « (إن) [٢]
من عرف بذلك : حبسه الامام ، وأجرى له ما ينفق عليه إلى الموت ». وهذا هو الصواب
قطعا.
( فصل ) والمقصود العلاج النبوي لهذه
العلة. وهو أنواع.
وقد روى أبو داود في سننه ، عن سهل بن
حنيف ، قال : « مررنا بسيل ، فدخلت فاغتسلت فيه ، فخرجت محموما. فنمى ذلك إلى رسول
الله صلىاللهعليهوسلم
، فقال : مروا أبا ثابت يتعوذه. ( قال ) فقلت : يا سيدي ، والرقى صالحة؟ فقال : لا
رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة [٣]
»
والنفس : العين ، يقال : أصابت فلانا نفس ، أي
عين. والنافس : العائن. واللدغة :