اسم الکتاب : الطبّ النبوي المؤلف : ابن قيّم الجوزية الجزء : 1 صفحة : 126
تدرسون.
ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا ، أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم
مسلمون؟! ).
وأشرف العبودية : عبودية الصلاة. وقد
تقاسمها الشيوخ والمتشبهون بالعلماء والجبابرة فأخذ الشيوخ منها أشرف ما فيها ، وهو
: السجود. وأخذ المتشبهون بالعلماء منها الركوع ، فإذا لقى بعضهم بعضا : ركع له
كما يركع المصلى لربه سواء. وأخذ الجبابرة منهم القيام ، فيقوم الأحرار والعبيد
على رؤوسهم عبودية لهم ، وهم جلوس.
وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن هذه الأمور
الثلاثة ، على التفصيل. فتعاطيها مخالفة صريحة له. فنهى عن السجود لغير الله ، وقال
: « لا ينبغي لاحد أن يسجد لاحد » ، وأنكر على
معاذ لما سجد له ، وقال : « مه » ، وتحريم هذا معلوم من دينه بالضرورة. وتجويز من
جوزه [١] لغير الله ،
مراغمة لله ورسوله. وهو من أبلغ أنواع العبودية. فإذا جوز ( هذا المشرك ) هذا
النوع للبشر : فقد جوز عبودية غير الله. وقد صح « أنه قيل له : الرجل يلقى أخاه ، أينحنى
له؟ قال : لا. قيل : أيلتزمه ويقبله؟ قال : لا قيل : أيصافحه؟ قال : نعم ».
وأيضا : فالانحناء عند التحية سجود.
ومنه قوله تعالى : (وادخلوا الباب سجدا) ، أي منحنين. وإلا : فلا يمكن [٢] السجود والدخول على الجباه.
وصح عنه النهى عن القيام وهو جالس ، كما
تعظم الأعاجم بعضها بعضا ، حتى منع [٣]
ذلك في الصلاة ، وأمرهم إذا صلى جالسا : أن يصلوا جلوسا وهم أصحاء لا عذر لهم ، لئلا
يقوموا على رأسه وهو جالس. مع أن قيامهم لله. فكيف إذا كان القيام تعظيما وعبودية
لغيره سبحانه!.
والمقصود : أن النفوس الجاهلة الضالة
أسقطت عبودية الله سبحانه ، وأشركت فيها من يعظمه من الخلق ، فسجدت لغير الله ، وركعت
له وقامت بين يديه قيام الصلاة ، وحلفت بغيره ، ونذرت لغيره ، وحلقت لغيره ، وذبحت
لغيره ، وطافت لغير بيته ، وعظمته بالحب