responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة المؤلف : شمس الدين، الشيخ محمد مهدي    الجزء : 1  صفحة : 51

الحكيمة التي اتّبعها ولاة عثمان مدّة خلافته ، ورأى أنّ التوجيهات الدينية العظيمة التي عمل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله طيلة حياته على إرساء أصولها في المجتمع الإسلامي الناشئ قد فقدت فاعليتها في توجيه حياة الناس.

وإنّما صار الناس إلى واقعهم هذا ؛ لأنّهم فقدوا الثقة بالقوّة الحاكمة التي تُهيمن عليهم ، فراحوا يسعون إلى إقرار حقوقهم وصيانتهم بأنفسهم ، وهكذا انقطعت الصلة بينهم وبين الرموز المعنوية التي يجب أن تقود حياتهم ، والسبيل إلى تلافي هذا الفساد هو إشعار الناس أنّ حكماً صحيحاً يهيمن عليهم لتعود إلى الناس ثقتهم الزائلة بحكّامهم ، ولكنّ هذا لم يكن سهلاً قريب الجنى ، فثمّة طبقات ناشئة لا تُسيغ مثل هذا ؛ ولذلك فهي حريّة بأن تقف في وجه كلّ منهج إصلاحي ومحاولة تطهيرية.

وإذاً فقد كان علي عليه‌السلام يُدرك ـ نتيجة لوعيه العميق للظروف الاجتماعيّة والنفسية التي كانت نجاح المجتمع الإسلامي في ذلك الحين ـ أنّ المدّ الثوري الذي انتهى بالأمور إلى ما انتهت إليه بالنسبة إلى عثمان يقتضي عملاً ثورياً يتناول دعائم المجتمع الإسلامي من النواحي الاقتصادية والاجتماعيّة والسياسية ، ولمّا كانت البيعة عقداً حقيقياً يستتبع مسؤوليات وواجبات وحقوقاً لكلّ من الراعي والرعية [١].

لذلك امتنع من الاستجابة الفورية لضغط الجماهير والصحابة عليه بشأن قبول بيعتهم له بالخلافة ، فقد أراد أن يضعهم أمام اختبار يكشف به مدى استعدادهم لتحمّل أسلوب الثورة في العمل ؛ لئلاّ يروا فيما بعد أنّه استغفلهم ، واستغلّ اندفاعهم الثوري حين يكشفون صعوبة الشروط التي يجب أن يُناضلوا الفساد الذي ثاروا عليه في ظلّها.

من أجل هذا قال لهم :


[١] وقد حدد علي هذه الحقوق في مناسبة قاسمية من مناسبات حياته. وذلك بعد صفين ، في خطبة له ، نهج البلاغة ١ / ١٠٢ ـ ١٠٥.

[٢] انظر : نهج البلاغة / الخطبة ٩٢.

اسم الکتاب : ثورة الحسين ظروفها الإجتماعيّة وآثارها الإنسانيّة المؤلف : شمس الدين، الشيخ محمد مهدي    الجزء : 1  صفحة : 51
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست