٩٢ ـ الحسين (ع) يخطب أمام
الجيش الاُموي في كربلاء :
لمّا رأى الإمام الحسين (عليه السّلام)
هذا الجمع الحاشد ، الضال في أمره ، والحائر في مصيره ، أراد أن يوقظ ضمائرهم
الميّتة ، ويرشد جمعهم نحو الهدى والحقّ ؛ فوقف فيهم واعظاً ، خطب الخطبة الأولى
في صبيحة اليوم العاشر من محرّم ، فدعا (عليه السّلام) براحلته فركبها ، ونادى
بصوت يسمعه جلّهم :
«أيّها الناس ، اسمعوا قولي ولا تعجلوني
حتّى أعظكم بما يحقّ لكم عليّ ، وحتّى اعتذر إليكم من مقدمي عليكم ، فإن قبلتم
عذري ، وصدّقتم قولي ، وأعطيتموني النَّصف من أنفسكم ، كنتم بذلك أسعد ، ولم يكن
لكم عليّ سبيل ، وإن لم تقبلوا منّي العذر ، ولم تُعطوا النَّصف من أنفسكم ، (فَأَجْمِعُوا
أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ
اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ ، إِنَّ وَلِيِّيَ اللهُ الَّذِي نَزَّلَ
الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ).
فسمعن النساء صوته ، فبكين وارتفعت
أصواتهن ، فقال الحسين لأخيه العباس وابنه علي الأكبر (عليهم السّلام) : «سكّتوهنّ
، فلعمري ليكثر بكاؤهنّ». ولمّا سكتن ، حمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على محمّد
وعلى الملائكة والأنبياء ، فذكر ما لا يُحصى ذكره ، فما سمع متكلّم