اسم الکتاب : الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 212
زينب وابن زياد :
واُدخِلت السبايا على عبيد الله بن زياد
، والتفت عبيد الله إلى زينب فقال لها : الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم ، وأكذب
أحدوثتكم.
ثمّ نظر إلى علي
وفاطمة والحسن والحسين نظراً عرفنا به السرور في وجهه ، ثمّ رمق بطرفه نحو السماء
ملياً ، ثمّ وجّه وجهه نحو القبلة وبسط يديه ودعا ، ثمّ خرّ ساجداً وهو ينشج ، فأطال
النشوج ، وعلا نحيبه وجرت دموعه ، ثمّ رفع رأسه وأطرق إلى الأرض ودموعه تقطر
كأنّها صوب المطر ، فحزنت فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهمالسلام
، وحزنت معهم ؛ لِما رأينا من رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وهبناه أن نسأله ، حتّى إذا طال ذلك قال له علي ، وقالت له فاطمة : «ما يبكيك يا
رسول الله لا أبكى الله عينيك؟ فقد أقرح قلوبنا ما نرى من حالك». فقال : «يا أخي ،
سررت بكم سروراً ما سررت مثله قطّ ، وإنّي لأنظر إليكم وأحمد الله على نعمته فيكم
، إذ هبط عليّ جبرئيل فقال : يا محمّد ، إنّ الله تبارك وتعالى اطّلع على ما في
نفسك ، وعرف سرورك بأخيك وابنتك وسبطيك ، فأكمل لك النعمة وهنّاك العطية بأن جعلهم
وذرّيّاتهم ومحبّيهم وشيعتهم معك في الجنّة ، لا يفرّق بينك وبينهم ، يُحبَوْن كما
تُحبى ، ويُعطَون كما تُعطى حتّى ترضى وفوق الرضا على بلوى كثيرة تنالهم في الدنيا
، ومكاره تصيبهم بأيدي أناس ينتحلون ملّتك ، ويزعمون أنّهم من أمّتك ، براء من الله
ومنك ، خبطاً خبطاً ، وقتلاً قتلاً ، شتى مصارعهم ، نائية قبورهم ، خيرة من الله
لهم ولك فيهم ، فاحمد الله عزّ وجلّ على خيرته ، وارضَ بقضائه ، فحمدت الله ورضيت
بقضائه بما اختاره لكم. ثمّ قال لي جبرئيل : يا محمّد ، إنّ أخاك مضطهد بعدك ، مغلوب
على أمّتك ، متعوب من أعدائك ، ثمّ مقتول بعدك ، يقتله أشرّ الخلق والخليقة ، وأشقى
البرية ، يكون نظير عاقر الناقة ، ببلد تكون إليه هجرته ، وهو مغرس شيعته وشيعة
ولده ... وإنّ سبطك هذا ـ وأومي بيده إلى الحسين عليهالسلام
ـ مقتول في عصابة من ذريّتك وأهل بيتك ، وأخيار من أمّتك ، بضفة الفرات بأرض يُقال
لها : كربلاء ، وهي أطيب بقاع الأرض وأعظمها حرمة ، وإنّها من بطحاء الجنة ... ثمّ
يبعث الله قوماً من أمّتك لا يعرفهم الكفّار ، لم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا
فعل ولا نيّة ، فيوارون أجسامهم ، ويقيمون رسماً لقبر سيّد الشهداء بتلك البطحاء ،
يكون علماً لأهل الحقّ ، وسبباً للمؤمنين إلى الفوز. وتحفّه ملائكة من كلّ سماء
مئة ألف ملك في كلّ يوم وليلة ، ويصلّون عليه ويسبحون الله عنده ، ويستغفرون الله
لمَنْ زاره ، ويكتبون أسماء مَنْ يأتيه زائراً من أمّتك ، متقرّباً إلى الله تعالى
وإليك بذلك ، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم ... وسيجتهد أناس ممّن حقّت عليهم
اللعنة من الله والسخط أن يعفوا رسم ذلك القبر ويمحوا أثره ، فلا يجعل الله تبارك
وتعالى لهم إلى ذلك سبيلاً». ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله
: «فهذا أبكاني وأحزنني».
اسم الکتاب : الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام المؤلف : البدري، سامي الجزء : 1 صفحة : 212