إنّ عاطفة «الحُبّ» بين الرسول والأُمّة
[ليست هي] العشق فحسبْ ، بل [هي] أيضاً حُبّ العَقيدة والتقديس والإجلال والسيادة
، لِما تمتّع به الرسولُ (صلّى الله عليه وآله) من ذاتيّات جمالية وكمالية ، وأُبوّة
، وشرف ، وكرامة ، وجلال ، وعطف ، وحنان ، وصفات متميّزة.
وإذا كان الحسنان (عليهما السّلام) قد
استوفيا هذه الخصال ، وبلغا إلى هذه المقامات حَسَباً ونَسَباً ، فمن البديهيّ أنّ
مُحِبّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) سيحبّهما بنفس المستوى ، لِما يجد فيهما ممّا
يجد في جدّهما الرسول (صلّى الله عليه وآله).
ولأجل هذا المعنى بالذات نجد الرسولَ (صلّى
الله عليه وآله) يعكسُ تلك الملازمة ، فيقول في نصوص أُخرى : «مَن أحبّهما فقد
أحبّني» فيجعل حُبَّهُ متفرِّعاً من حبّهما
بعد أن جعل في النصّ الأوّل حبّهما متفرّعاً من حبّهِ.
فإذا كان سببُ «الحُبّ» ومنشؤه واحداً
فلا فرق بين الجملتين : «مَنْ
أحَبّني فليُحِبَّ هذيْنِ» و «مَنْ أحَبَّهما فقد
أحبّني».
والنصوص التي أكّد فيها الرسولُ (صلّى
الله عليه وآله) على حُبّ «آل محمّد» ومنهم الحسين (عليه السّلام) كثيرة جدّاً ، روى
منها ابن عساكر قسماً كبيراً [١].
ويتراءى هذا السؤالُ :
لماذا كلّ هذه التصريحات مع كلّ ذلك
التأكيد؟ وإنّ المؤمنين بالرسالة والرسول لا بُدّ وأنّهم يُكرمون «آل الرسول» ويودّونهم
، ويحبّونهم حبّ العقيدة والإيمان!
وعلى أقلّ التقادير ، مشياً على أعراف
من قبيل «لأجْل عَيْن ألْفُ عَيْن تُكْرَمُ»
[١] لاحظها في
الصفحات (٧٩ ـ ١٠٠) من تاريخ دمشق ـ ترجمة الإمام الحسين (عليه السّلام).