ولئن كانت فتنةُ الله لعباده الصالحين ـ
من الأنبياء والأئمّة والأولياء ـ شديدة الوطأة عليهم ، ولكنّها كانتْ وَعْداً
وعهداً ربّانياً اتّخذوه وصَدَقُوهُ ، فصبروا على الأذى في جنب الله ، وصابروا
ورابطوا على مواقع الحقّ ، ولم يتراجعوا ، ولم يهنوا ، ولم يحزنوا على ما فاتهم من
الدنيا ، وجاهَدُوا بكلّ قُوّة وصلابة وإصرار حتّى فازوا برضا الله عنهم كما رضوا
عنه ، وحازوا خلود الذكر في الدنيا ، وجنّات عدن في الآخرة.
وصَدَقهم الله وعدَهُ بالانتقام من
المُجْرِمين ، وليعلموا أنّ وعد الله حقّ ، وأنّ الله منجز وَعْدِهِ رُسُلَهُ إلى
أن يرثَ ويرثوا الأرض ، ويستخلفهم عليها ، وعْداً عليه حقّاً في كلّ الكتب
السماوية : التوراة والإنجيل والزبور والقرآن.
وقبل هذا الأمر المعلن في النصوص
المقدّسة ، والذي لا يستيقنه الّذين لا يؤمنون ، فهم لا يؤمنون بالغيب ، وإن كان
أمر الانتقام من قتلة الصالحين والمصلحين هو مكشوف للعيان واضح لكلّ ذي عينين إذا
أتعب جفنيه ففتحهما على ما حوله :