اسم الکتاب : الإمام الرضا عليه السلام سيرة وتاريخ المؤلف : الذهبي، عباس الجزء : 1 صفحة : 31
علومه ومعارفه بصورة
سرية ، ويتصرف في حدود الهامش الضيق المتاح له ، وقد أشرنا لرواية هشام بن سالم
التي ذكر فيها أن الإمام الكاظم عليهالسلام
دعاه إلى التمسك بالسرية التامة ، فإذا أذاع فهو الذبح! وأشار بيده إلى حلقه.
وقد وصل الأمر في زمانه الى حد (أن
الراوي إذا روى الحديث عنه لايسنده إليه بصريح اسمه ، بل بكناه : مرة بأبي ابراهيم
، وأبي الحسن ، وبألقابه الاخرى ؛ العبد الصالح ، والعالم وأمثالهما ، وبالإشارة
إليه تارة كقوله عن رجل ، اذ قلما تجد اسمه الشريف صريحا في حديث ، لشدة التقية في
أيامه ولكثرة التضييق عليه ممن عاصره من العباسيين كالمنصور والمهدي والهادي ، وبقي
سلام اللّه عليه يحمل إلى السجن مرة ويطلق منه أخرى أربعة عشر سنة ، وهي مدة أيامه
مع الرشيد)[١]إلى
أن انتهت رحلة العذاب التي قطعها بوفاته مسجونا مسموما.
المدرسة السّيارة
مع كل ذلك واصلت مدرسة أهل البيت عليهمالسلام عطاءها العلمي ولكن في الخفاء والتستر
، وقد قيض اللّه تعالى لها رائدا جديدا ، وعلما خفاقا ، ذاع صيته في جميع الآفاق ،
ألا وهو الإمام الرضا عليهالسلام.
صحيح أن امامنا الرضا عليهالسلام لم يعاصر جدّه تاريخيا ، ولكن الصحيح
أيضا أنه عاصره علميا ، وذلك لأن والده الكاظم عليهالسلام
كان قد عاش مع أبيه الصادق عليهالسلام
مدة عقدين من الزمن ، والامام الرضا عليهالسلام
ـ بدوره ـ قد عاصر