اسم الکتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير المؤلف : سليمان كتّاني الجزء : 1 صفحة : 138
روعة التصميم
كأنِّي ـ وأنا في غُمرة مِن الاستغراق
مع الحسين ـ استمع إلى حديثٍ قد دار بينه وبين أخيه محمد بن الحنفيَّة ، بعد شهرين
أو ثلاثة مِن خروج الحسين مِن المدينة إلى مَكَّة ـ لستُ أكيداً مِن ضبط الوقت ـ
كنتُ أتحسَّس الحسين رزيناً ، يتنقَّل بخُطوات ثابتة في صحن الغرفة ، التي جعلها
ديواناً خاصاً لاستقبال الأخصَّاء مِن الوافدين عليه ؛ للتشاور والتداول في
الأُمور المُرتبطة بالأحداث ، وكلُّها جديد مُتعلِّق به وبالخلافة التي كان يحلم
بها أيضاً عبد الله بن الزبير المُلتجئ مثله إلى مَكَّة ، هرباً مِن الضغوط التي
كان يفرضها يزيد ـ خليفة مُعاوية ـ ، وهو فوق أرض الشام. لقد كان يزيد سيِّد
الموقف بالنسبة للقوَّة التي خَصَّه بها الخَطُّ السياسي الأُموي ، المُحرز ـ
حتَّى الآن ـ نصراً فائقاً فوق الساحة.
مِن الطريف أنَّ هوىً حلواً ربطني
ببوَّاب الحسين ـ أسعد الهجري ـ مُنذ تلك الليلة ، التي تمَّت فيها المُقابلة بين
الحسين ووالي المدينة الوليد بن عتبة ، وها أنا أهفو إلى هذا الصديق ، كأنِّي في
رابطة وثقى معه مُنذ أكثر مِن وقت معهود ، وأنا أراه يفتح الباب على الحسين بدون
أيَّة دالة مِن استئذان وهو يقول :
أسعد
: ـ أخوك محمد ـ يا سيدي ـ سأُدخله عليك ، ولكنِّي
أحببت أنْ أُطمئِنَ بالك أوَّلاً ، إلى أنَّ العبدين ـ عبد الله بن مسمع الهمذاني
وعبد الله بن وال ـ قد أمنت وصولهما إلى الخَطِّ صوب الكوفة ، فاستلما الطريق
وذهبا بأمان.
الحسين
: ـ إنِّي واثق مِن عزمك وحُرصك يا أسعد ، ولكنِّي
الآن انتدبك إلى كثير مِن مُتابعة اليقظة والحَيطة ، فالأيَّام صعبة يا صديقي ، وإنَّنا
مُقدمون على سفر صعب ، بين ليلة وليلة نرحل ، إنَّ
اسم الکتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير المؤلف : سليمان كتّاني الجزء : 1 صفحة : 138