كفى في امتحان أهل
الدين هذا التصارع الدائم بين الدين والدنيا وقلّما ائتلفا في عصر ، ولولاه لما
كانت التقيّة ، ولما كانت تلك الفوادح النازلة بساحة أهل البيت.
ليس الصراع بين
أهل البيت وبين اميّة والعبّاس غريبا ما دام أهل البيت مثال الدين ، واولئك مثال
الدنيا.
يعلم المروانيّون
والعبّاسيّون أن الصادق عليهالسلام زعيم هذا التصارع ولئن صمت عن مصارعتهم بالحراب فلا يكفيهم
أمانا من حربه لهم ، ولربما كان الصمت نفسه أداة الصراع أو هو الصراع نفسه ، فإن
السكوت قد يكون جوابا كما يقولون.
فمن ثمّ تجدهم
يوجّهون إليه عوادي المحن كلّ حين ، وما كفّهم عن تعاهده بالأذى ذلك الانعزال
والانشغال بالعبادة والعلم ، فإن هذا الشغل هو سلاح الحرب ، لأنه ظاهرة الدين وبه
تتّجه الأنظار إليه ، وكلّما ارتفع مقام الصادق قويت شوكة الدين ، وإذا قوي الدين
انصرع أهل الدنيا.
ولو لا تشاغل
الامويّين بالفتن بينهم لما أبقوا على الصادق عليهالسلام ، كما لم يبقوا على آبائه ، أجل كأنهم تركوا ذلك إلى أبناء
عمّه الأقربين ،