إن المسلمين على
مذاهب في الإمامة بعد أن أجمعوا على وجوبها ، باعتبار أنّ الإمام هو الجامع
لشتاتها ، والهادي لضلالها ، والناهض بها لنشر أعلام الشريعة ، وبثّ روح تعاليمها
الحيّة.
ومن سياسة صاحب
الشريعة وبدائع حكمة أمره بمعرفة الإمام ، حتّى أنه جعل « من مات ولم يعرف إمام
زمانه ميتا على الجاهلية » [١] ، كأن لم يدخل في ربقة الاسلام.
فهذا الفرض لو عمل
به المسلمون ، وقاموا بما يحتّمه الواجب من معرفته والاستماع لقوله بعد الوصول
إليه لأصبحوا جيشا واحدا وقائدهم الإمام ، فلا يبقى عند ذاك امرؤ مسلم يجعل أحكام
الدين ، أو يعلمها ولا يعمل بها ، ولا يبقى بلد في العالم لا تخفق عليه بنود
الاسلام.
كانت الخلافة
والإمامة ميدانا للسباق ، لا يقبض على ناصيتها إلاّ من حاز قصب السبق ، ولو
بالدماء المراقة ، والحرمات المنتهكة ، بل حتّى لو كان الخليفة نفسه بعد استلامه
زمام الحكم ما جنا خليعا لا يبالي بما فعل.
[١] هكذا الحديث في
أصل الكتاب ولم نعثر عليه في الكتب الموجودة ، والذي عثرنا عليه هو هذا النص « من
مات بغير إمام مات ميتة جاهلية » كنز العمال : ١ / ١٠٣ ..