إن الله تعالى
أراد بخلقه لخلقه أن يعرفوه ، ومن معرفته أن يعبدوه « وما خلقت الجنّ والإنس إلاّ
ليعبدون » [١] وكانت مخلوقاته آية وجوده ، وجمال الصنع ، واتصال التدبير
دلالة وحدانيّته ، وجعل من أنفسهم مرشدا الى ذلك كلّه ، وهو العقل.
غير أن العقل لا
يهتدي بنفسه الى كيفيّات عبادته ، وخصوصيّات طاعته ، لأن ذلك لا يعلم إلاّ من قبله
تعالى ، ومن ثم وجب عليه تعالى ـ حين أراد منهم عبادته ـ أن يرسل إليهم من يدلّهم
على ما أراد ، ويعرّفهم ما أوجب.
ولا يصحّ للعقل أن
يصدّق دعوى كلّ من يدّعي النبوّة من دون بيّنة ومعجز ، فكان على الأنبياء أن يأتوا
بالبرهان على تلك الدعوى ، ولا نعرف أن المدّعي نبيّ مرسل إذا لم تكن لديه حجّة
بالغة ، بل شأن اكثر الناس الجحود والإنكار مع الآيات والدلالات ، فكيف إذا لم تكن
آية أو دلالة ، فإن لم تكن لتلك الدعوى حجّة كانت الحجّة على رفضها قائمة بل هي
تخصم نفسها بنفسها.
ما الآية؟
جدير بهذا السؤال
العناية والنظر ، لأن تصديق النبوّة متوقّف على صحّة