الصادق مصلّيا ولم
يعرفه فتعلّق به وقال : أنت أخذت همياني ، قال : ما كان فيه؟ قال : ألف دينار ،
فحمله الى داره ووزن له ألف دينار ، وعاد الرجل الى منزله ووجد هميانه ، فعاد الى
الصادق معتذرا بالمال ، فأبى قبوله ، وقال : شيء خرج من يدي لا يعود إليّ ، فسأل
الرجل عنه ، فقيل : هذا جعفر الصادق ، قال : لا جرم هذا فعال مثله [١].
بل دأب على هذه
الخلّة حتى مع ألدّ أعدائه ، فإنّه لمّا سرّحه المنصور من الحيرة خرج ساعة أذن له
وانتهى الى موضع السالحين في أوّل الليل فقال له : لا أدعك أن تجوز فألحّ عليه
وطلب إليه فأبى إباء شديدا وكان معه من أصحابه مرازم [٢] ومن مواليه مصادف
[٣] فقال له مصادف : جعلت فداك إنما هذا كلب قد آذاك ، وأخاف أن يردك ، وما أدري
ما يكون من أمر أبي جعفر ، وأنا ومرازم أتأذن لنا أن نضرب عنقه ثمّ نطرحه في النهر
، فقال : كيف يا مصادف ، فلم يزل يطلب إليه حتّى ذهب من الليل اكثره ، فأذن له
فمضى ، فقال : يا مرازم هذا خير أم الذي قلتما؟ قلت : هذا جعلت فداك ، فقال : يا
مرازم إن الرجل يخرج من الذلّ الصغير ذلك في الذلّ الكبير [٤].
أقول : لعلّه عنى
من الذلّ الكبير القتل ، والذلّ الصغير الطلب ، والخطاب خطاب إنكار.
هذا بعض ما كان
منه ممّا دلّك على ذلك الحلم العظيم ، الذي كان يلاقي به تلك الاعتداءات
والمخالفات لقوله ولأمره.