صلىاللهعليهوآلهوسلم يقسّم صدقة البوادي في أهل البوادي ، وصدقة الحضر في أهل
الحضر ، ولا يقسّمها بينهم بالسويّة ، إنما يقسّمها قدر ما يحضره منهم ، وعلى ما
يرى وعلى ما يحضره ، فإن كان في نفسك شيء ممّا قلت فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم
كلّهم لا يختلفون في أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كذا كان يصنع.
ثمّ أقبل على عمرو
وقال : اتّق الله يا عمرو وأنتم أيها الرهط فاتّقوا الله فإن أبي حدّثني وكان خير
أهل الأرض وأعلمهم بكتاب الله وسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : من ضرب الناس بسيفه ودعاهم الى نفسه وفي المسلمين من
هو أعلم منه فهو ضالّ متكلّف [١].
أقول : قد يخال
الناظر عند أوّل نظرة أن أسئلة الامام بعيدة عن القصد أجنبيّة عن شأن البيعة
لمحمّد ، ولكن بعد الرويّة يعرف أن القصد منها جليّ والمناسبة بارزة ، وذلك لأنه
يريد أن يفهمهم أنهم جهلاء بالشريعة وأحكامها وأن إمامهم الذي يدعون له مثلهم في
الجهل بقواعد الدين ، وكيف يتولّى الجاهل امور الامّة وفيهم الأعلم الأفضل.
مناظرته في الزهد
دخل سفيان الثوري
على الصادق عليهالسلام فرأى ثيابه بيضا كأنها غرقى البيض [٢] فقال له : إن هذا اللباس ليس من لباسك ، فقال له : اسمع
مني ما أقول لك ، فإنه خير لك عاجلا وآجلا ، إن أنت متّ على السنّة والحقّ