الزمن عن شأن
الصادق في بثّه العلوم والمعارف وإن لم يتناسه السفّاح ولكن لم يجد عنده ما يخشاه
، ولمّا جاء دور المنصور وصفى الملك له ناصب العداء للصادق فكان يضيّق عليه مرّة
ويتغاضى عنه اخرى.
روى العلاّمة ابن
شهر اشوب [١] في كتابه المناقب في أحوال الصادق عن المفضّل بن عمر : «
أن المنصور قد همّ بقتل أبي عبد الله عليهالسلام غير مرّة ، فكان اذا بعث إليه ودعاه ليقتله فاذا نظر إليه
هابه ولم يقتله ، غير أنه منع الناس عنه ومنعه عن القعود للناس واستقصى عليه أشدّ
الاستقصاء حتّى أنه كان يقع لأحدهم مسألة في دينه في نكاح أو طلاق أو غير ذلك ،
فلا يكون علم ذلك عندهم ولا يصلون إليه فيعتزل الرجل أهله ، فشقّ ذلك على شيعته
وصعب عليهم ، وحتّى ألقى الله عزّ وجل في روع المنصور أن يسأل الصادق عليهالسلام ليتحفه بشيء من
عنده لا يكون لأحد مثله ، فبعث إليه بمخصرة [٢] كانت للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم طولها ذراع ، ففرح بها فرحا شديدا وأمر أن تشقّ أربعة
أرباع ، وقسّمها في أربعة مواضع ، ثمّ قال له : ما جزاؤك عندي إلاّ أن اطلق لك
وتفشي علمك لشيعتك ، ولا أتعرّض لك ولا لهم فاقعد غير محتشم [٣] وافت الناس ولا تكن
في بلد أنافيه ، ففشى العلم عن الصادق ، وأجاز في المنتهى ».
فلهذا وغيره قد
فشى عن الصادق عليهالسلام من العلوم ما لم تسمح الظروف به لسواه من الأئمة ، وهذه
كتب الحديث والفقه والأخلاق والاحتجاج وغيرها من كتب المعارف والعلوم ترشدك الى ما
كان منه ، وكفت كثرة رواته والرواية عنه ، ولقد كتب عن رواته جملة من المؤلّفين
وذكروا أن