قد ذكرنا في الفصل السابق طائفة من
النصوص التي تبين بعض مقامات أبي بكر مما تشارك فيه مع غيره من الخلفاء ، وغيرهم
.. ونذكر في هذا الفصل طائفة أخرى تظهر لنا : أن أبا بكر يحتل المقام الأول عند
ابن عربي ، وأنه يقدسه أعظم تقديس ، ويعظمه أجلَّ تعظيم.
وسنرى أنه لا يتقيد بشيء محدد فيما
يثبته له ولغيره ، فقد يستشهد لذلك بحديث منسوب إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وقد يعتمد على
منام ، أو على قول صوفي مثله ، أو على استحسان غير ظاهر الوجه ، أوعلى ابتداع
واقتراح فيه ، وما إلى ذلك ..
وقد تقدم في الفصل السابق وغيره بعض من
ذلك ، ونذكر هنا ، من النصوص التي توضح مدى عظمة وحقيقة موقع أبي بكر عنده ، ما
يلي :
أبو بكر من أهل الباطن
١ ـ قال : «وهذه الطائفة في الرجال
قليلون ، فإنه مقام ضيق جداً ، يحتاج صاحبه إلى حضور دائم ، وأكبر من كان فيه أبو
بكر الصديق رضي الله عنه ، ولهذا قال عمر رضي الله عنه في حرب اليمامة : فما هو
إلا أن رأيت أن الله عز وجل قد شرح صدر أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق. لمعرفة
عمر باشتغال أبي بكر بباطنه ..» [١].
[١] الفتوحات المكية
ج ٣ ص ٣٠٧ و ٣٠٨ بتحقيق إبراهيم مدكور وعثمان يحيى ..