اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 365
كان المجموع كُرّاً ولم يتغيّر بعضه ، لم ينجس ، وكذا لو قطعت النجاسة عمود
الماء مع كون الأسفل كُرّاً ، فلو لا تقوّي الأعلى بالأسفل ، لزم نجاسة الأعلى من
الأسفل متى نقص عن كُرّ مطلقاً.
وقد قيّد هذا
الإطلاقَ جماعة من المتأخّرين كالشهيد [١] والشيخ علي [٢]رحمهمالله ، فذكروا في مسألة الغديرين والقليل المتّصل بالجاري
أنّ الاتّحاد لا يحصل بينهما إلا مع تساوي السطوح أو عُلوّ الغدير الكثير والجاري
على القليل ، فلو انعكس الفرض بأن كان الغدير القليل أعلى نجس بالملاقاة ، وكذا
الواقف المتّصل بالجاري بناءً منهم على أنّ الأعلى لا يتقوّى بالأسفل ، مع أنّهم
وافقوا في مسألة الكتاب على التفصيل المتقدّم ، المستلزم لتقوية كلّ منهما للآخر ،
وإطلاق النصّ يدلّ عليه.
ويلزمهم من عدم
تقوية الأسفل أن ينجس كلّ ما كان تحت النجاسة من الماء المنحدر وإن كثر جدّاً ،
وهو غير موافق للحكمة ، ولا يدلّ عليه دليل ، بل يلزم على هذا نجاسة الجاري على
القول باشتراط كُرّيّته مع عدم تساوي سطوحه في كلّ ما سفل منه عن النجاسة وإن كان
نهراً عظيماً ما لم يكن فوقه منه كُرّ ، وهذا كلّه مستبعد جدّاً بل باطل.
وبالجملة ،
فكلام المتأخّرين في المسألة متناقض إلى أن يبدو لنا الفرق بين المقامين ، وأنّى
لهم به مع اتّحاد موضوع المسألتين؟ والذي يظهر في المسألة ودلّ عليه إطلاق النصّ :
أنّ الماء متى كان قدر كُرّ متّصلاً ثمّ عرضت له النجاسة ، لم تؤثّر فيه إلا مع
التغيّر ، سواء كان متساوي السطوح أم مختلفها ، وإن كان أقلّ من كُرّ ، نجس
بالملاقاة مع تساوي سطوحه ، وإلا الأسفل خاصّة.
ثمّ إن اتّصل
بالكثير بعد الحكم بنجاسته ، اعتبر في الحكم بطهره مساواة سطوحه لسطوح الكثير أو
عُلوّ الكثير عليه ، فلو كان النجس أعلى ، لم يطهر.
والفرق بين
الموضعين : أنّ المتنجّس يشترط ورود المطهّر عليه ، ولا يكفي وروده على المطهّر ،
خلافاً للمرتضى [٣] ، كما سيأتي ، فإذا كان سطحه أعلى من سطح الكثير ، لم يكن الكثير وارداً
عليه.