اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 333
وفي الجميع
منع.
أمّا الأوّل :
فلأنّ رفع الحدث في الطهارة المائيّة ليس مغيّاً بغاية أصلاً ، وإنّما المانع أعني
الحدث الموجب للطهارة مرتفع بها وزائل بالكلّيّة حتى كأنّه لم يكن ، ثمّ لا يعود
ذلك المانع بعينه إلى الوجود مرّة أُخرى ، بل الحاصل بالحدث الطارئ مانع آخر غير
الأوّل ، غايته أنّه مبطل لفائدة الطهارة ؛ لأنّه من نواقضها ، ولا كذلك التيمّم ،
فإنّ إزالته المانعَ ليست إزالةً كلّيّة ، بل إنّما رفع أثره إلى أمدٍ معيّن مضروب
، وهو إمّا طروء حدثٍ أو التمكّن من استعمال الماء ، فإذا وجد أحدهما ، عاد الأوّل
بعينه حتّى كأنّه لم يزل ، ولهذا يجب الغسل على المتيمّم بدلاً منه عند التمكّن.
ولو كان رافعاً ، لما وجب إلا بحدثٍ آخر موجب للغسل.
نعم ، ربما
تمشّى ذلك على مذهب المرتضى القائل بأنّ مَنْ تيمّم بدلاً من غسل الجنابة ثمّ أحدث
أصغر ووجد من الماء ما يكفيه للوضوء توضّأ به [١] ؛ لأنّ حدثه الأوّل قد ارتفع وجاء ما يوجب الصغرى ،
فإنّ ذلك يشعر بكون التيمّم رافعاً. وسيأتي بيان ضعف هذا القول.
وأمّا الثاني :
فلأنّ رفع المانع هو بعينه رفع الحدث ؛ إذ ليس المراد به نفس الخارج الناقض وإن كان
قد يطلق عليه اسم الحدث ؛ لأنّ الحدث بهذا المعنى يستحيل رفعه ؛ لأنّه قد صار
واقعاً ، ويمتنع رفع الواقع ، وإنّما المراد بالحدث أثر الخارج ، وهو المانع
الحاصل بسببه.
والفرق بينه
وبين الاستباحة أنّ المراد بالرفع إزالة أثر الواقع بالكلّيّة حتى كأنّه لم يكن ،
والاستباحة رفع المنع منه ، أعني استعادة [٢] جواز فعل المشروط بالطهارة ، سواء زال المانع بالكلّيّة
ولم يقارنه مانع آخر ، كطهارة المختار ، فإنّ الرفع والاستباحة بالنسبة إليه
متلازمان ، أم لم يزل بالكلّيّة ، بل إلى أمد مضروب ، كما في التيمّم ، فإنّه لا
يزيل أثر الواقع أصلاً ، ولهذا ينتقض بوجود الماء والتمكّن من استعماله ، مع
الإجماع على كونه ليس بحدثٍ ، أم زال بعضه بالكلّيّة دون البعض ، كما في طهارة
دائم الحدث ، فإنّ المانع الحاصل في الحال يزول بعضه ، وهو أثر الحدث السابق.
وأمّا الثالث :
فهو مبنيّ على اتّحاد حكم المتيمّم ودائم الحدث ، وقد عرفت ما بينهما من الفرق ،
فإنّ لدائم الحدث حدثاً سابقاً ومقارناً ، وطهارته مائيّة صالحة لرفع الحدث حيث
[١] حكاه عنه
المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٣٩٥ نقلاً عن شرح الرسالة له.