اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 309
ونمنع كون
الغسل تابعاً لمسّه نجساً ، بل لمسّه بعد البرد ، بل ذلك عين المتنازع.
وعلّيّة
الدوران ممنوعة ، وينتقض على مذهب الشهيد بمسّ العظم المجرّد ، فإنّه يوجب به
الغسل ، [١] مع أنّه قد يكون طاهراً ، بل قد تطهّر قبل مسّه ، فإنّه
قابل للطهارة من الخبث ، ولا يتعلّق به الحدث منفصلاً ؛ لأنّه جزء لا تحلّه الحياة
، وقد أجمع الأصحاب على طهارة ما لا تحلّه الحياة من غير نجس العين ، ومنه العظم ،
فإيجابه الغسل بمسّه ينقض دوران وجوب الغسل مع نجاسة الممسوس.
وأمّا قوله وقد
حكم بطهارة الجزء المفروض إلى آخره ، فجوابه : أنّ الغسل المجعول غاية لنجاسة
الميّت هو غسل الميّت لا عضو من أعضائه قطعاً. وأصالة البراءة قد انتفت بالأدلّة.
نعم ، يبقى هنا
إشكال ، وهو : أنّ مقتضى القواعد الفقهيّة أنّ طهارة المحلّ من الخبث تحصل بانفصال
الغسالة عن المغسول ، ولا تتوقّف بعدها على تطهير جزء آخر ، فعلى هذا إذا كمل غسل
عضو ، وجب الحكم بطهارته من الخبث بحيث لا يجب غسل اللامس له بعد ذلك الغسل الخبثي
؛ إذ لو توقّف طهارة ذلك العضو من الخبث على طهارة المجموع ، لزم مخالفة القاعدة
السالفة ، وحينئذٍ يبعد الحكم بوجوب الغسل بمسّه دون غسل العضو اللامس ؛ إذ لم
يعهد انفكاك الغُسل عن الغَسل إلا على مذهب الشهيد من وجوب الغُسل بمسّ العظم
المجرّد ، [٢] مع أنّه قد يكون طاهراً من الخبث ؛ لأنّه ممّا لا تحلّه
الحياة.
ويندفع : بأنّ
الاستبعاد مع قيام الدليل غير مسموع ، كيف! وقد وقع مثله على مذهب الشهيد رحمهالله ، ولزم من ذلك أنّ بين نجاسة المحلّ اللامس ووجوب الغسل
بالمسّ عموماً وخصوصاً من وجه ، يجتمعان في مسّ الميّت بعد البرد وقبل التطهير ،
وتنفرد نجاسة العضو اللامس [عن الغسل] بالمسّ قبل البرد على ما مرّ ، وينفرد الغسل
عن نجاسة اللامس بمسّ العظم المجرّد مع عدم الرطوبة أو مع إزالة الخبث عنه ، وفي
العضو الممسوس بعد كمال غسله وقبل كمال غسل الميّت.
وبالجملة ،
فالمسألة من المشكلات ، وللتوقّف في حكمها وجه ، وما ذكره الجماعة متّجه ، غير أنّ
الأدلّة النقليّة الخاصّة لا تساعد عليه. والله أعلم.