وأيضا فإن
الحرب لم تحصل الا بعد مضى أزمان تصح في بعضها المعارضة
على أن المعلوم
من حال القوم تعرضهم لها وقصورهم عنها وتصريحهم [ تخريصهم ظ ] لما عجزوا بأن النبي
صلىاللهعليهوآله
ساحر وكاهن ، وأن الجن
تلقى اليه هذا الكلام ، فزال بهذا اللبس عن كل متأمل بعجزهم عن المعارضة ، وأنهم
انما عدلوا الى هذا التحريص [٢] المقترن بالحرب ، لما أعيتهم الحيل ، فعل السفيه
المنقطع العاجز عن مماثلة خصمه ، لأنا نعلم أن من تحدى أهل صناعة بشيء منها
وقرعهم [٣] بالعجز عن مماثلته ، فعدلوا بعد التأمل لما أتى به الى
شتمه وضربه ، أنهم عاجزون عنها مستحقون اللوم والتوبيخ من كافة العقلاء.
وليس لهم أن
يقولوا انه صلىاللهعليهوآله
شغلهم بالحرب عن
المعارضة لأن الحرب لم تحصل الا بعد مضى أزمان يصح في بعضها المعارضة لو كانت
مقدورة.
وأيضا فإن
الحرب لم تكن مستمرة في الأزمان فألا عارضوا في الزمان الخالي منها.
وأيضا فإن
الحرب لم يمنع من الروية والفكر لإيقاع الكلام الفصيح على الوجه المعارض بغير
اشكال.
ومن وجوه
الاعجاز قوله تعالى : ( فَتَمَنَّوُا
الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً )[٤] فقطع سبحانه
مخبرا على أنهم لا يتمنونه اخبار قادر على منعهم منه متى أرادوا النطق به ، فكان
كما أخبر سبحانه ، وذلك مختص بمقدوره تعالى